ثمة اسئلة تدور في ذهن العديد من المتابعين للشأن العام عن أهمية ودور ديوان المحاسبة في ضبط الانفاق ومتابعة المال العام ليس فقط بالتدقيق على النفقات ومطابقتها حسب الاصول ولكن ايضا اجراء المقارنات الحقيقية على الايرادات العامة ومطابقتها في قيود وزراة المالية. الموضوع برمته يضمنه مبدا الفصل بين السلطات لتقوم كل سلطة بعملها دون التأثير عليها من قبل سلطة اخرى وهذا يعني مبدأ تجزئة القوة حتى لا تتغول سلطة على أخرى وتمارس عملها بنوع من الحرية وهذا بالتأكيد يقود الى تعزيز الحرية والشفافية ويقطع دابر الشكوك والتساؤلات. أجهزة الرقابة في كل الدول دورها ضبط ايقاع أداء مؤسسات الدولة ضمن القانون ويجب ان تمتلك هذه الاجهزة القدرة على المتابعة والتحليل والمقارنة، والتحري، فيصبح من الضروري ان يكون لديوان المحاسبة أذرع تمكنه من المتابعة الدقيقة لاداء المؤسسات والدوائر وهو يمتلك انتشار واسع في كل مؤسسات الدولة ويقدم تقريرا في نهاية كل عام عن الاعمال التي قام بها لمجلس النواب بحكم الدستور، والمشرع اعطى رئيس الديوان الحصانة حتى لا يخضع للخوف او التأثير عليه، صحيح نحن في بلد لديه ثقافة متجذرة بالمحسوبية والواسطة لكنن يجب ان يكون الديوان بمنآى عن أي تأثير سلبي لهذه الثقافة المجتمعية. في الحقيقة يمارس ديوان المحاسبة دورا مهما في متابعة الانفاق العام ويصدر تقارير توضح بشكل كبير المخالفات التي ترتكب سواء في تجاوز القانون في الصرف او الاخطاء المتعمدة ، أو الاختلاسات، وهذا الجهد يشكر عليه، لكن في البعد الرقابي يجب ان يكون لديه مساحة واسعة للتحري والمقارانات من خلال وحدات متخصصة لمتابعة اداء المؤسسات التي تورد الجزء الاكبر من الاموال للخزينة مثل الجمارك الضريبة الاراضي إدارة الترخيص الاحوال المدنية وحتى أمانة عمان اضافة الى المؤسسات المستقلة، ليكون الجهة المسؤولة عن كل ذلك دون تداخل بالصلاحيات، وحتى يقوم بهذه المهامم الصعبة لا بد من إعادة التأهيل من حيث مرتبات العاملين وتحفيزهم ورفدهم بالكوادر البشرية المدربة والاستفادة من الخبرات التراكمية لدى موظفي الديوان بعدم احالتهم على التقاعد بسن مبكرة واستثنائهم من قرار مجلس الوزراء الاخير. ما يهم اي مواطن في الدولة هو قوة مؤسساتها وقدرتها على الضبط وعدم التهاون في تجاوز القانون، ونحن نعيش في صراع مع الاشاعات والاخبار المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وما تشكل من خطر حقيقي لفقدان المواطن ثقته بأجهزة الدولة. الشفافية والمحاسبة والقدرة على تطبيق القانون ثلاثية تنزع الشك من النفوس وتؤكد سلامة النهج لينصرف كل مواطن نحو عمله وهو واثق بان كل مؤسسة تقوم بواجبها على أكمل وجه.
*استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
*ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري *كاتب في الشأن المحلي والإقليم.