المراقب للمشهد العالمي حول أزمة كورونا وتداعياتها يلاحظ أن أهم تبعاتها توفير الغذاء نتيجة تعثر النقل والتصدير َوالاستيراد وتحديات حركة الطيران إضافة إلى تعطيل عجلة الإنتاج في عدد من دول العالم بسبب فرض التباعد الإجتماعي كأحد الوسائل لمواجهة أزمة كورونا.
أن التوجيهات الملكية السامية للحكومة بدعم القطاع الزراعي ب ١٠ مليون دينار قروض من مؤسسة الإقراض الزراعي بدون فائدة وهذه التوجيهات الملكية نافذة إلى تبني أفكار جديدة تسهم في الاستدامة الزراعية عوضا عن الطريقة القديمة في الإستثمار الزراعي ويأتى ذلك من خلال تبني بعض التقنيات الجديدة مثل إدخال أصناف جديدة من المحاصيل والخضار وسلالات جديدة من الثروة الحيوانية وذات إنتاجية عالية تتكيف مع الظروف البيئية المحلية والدولية.
أن جائحة كورونا سلطت الضوء على مؤسسات وطنية ذات طاقات فاقت التوقعات وحسب معرفتي المتواضعة من خلال موقعي كرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب أن الغالبية العظمى من نفقات المركز الوطني هي نفقات جارية وليست راسمالية تتمثل بالرواتب والمصاريف الأخرى، في حين أن مخصصات البحث العلمي لا تصل إلى ١٠٠ الف دينار من أصل لا يصل الى ٧ مليون دينار، الأمر الملفت للانتباه كيف أن مؤسسة كهذة استطاعت أن تحشد كل طاقاتها وتضعها بين يدي صناع القرار من إنتاج مواد فلمية وتوعوية حول آليات تكيف المزارعين مع جائحة كورونا وان الأزمة العالمية القادمة هي أزمة غذاء والوطن بحاجة لعقول تفكر بمصير البشرية لإيجاد حلول قادرة على ترجمة الرؤية الملكية في تأمين الغذاء ومجابهة تحديات العصر، كما يحدث في سنغافورة مثلا أخذت تزرع على أسطح المنازل المباني العملاقة لغايات مواجهة تحدي توريد الغذاء وخاصه الخضار والورقيات ، وهنا في الوطن الحبيب نرى أن المركز الوطني ادخل تقنية تعديل وتطوير المرشات والتنكات الزراعية للبلديات ومجالس الخدمات المشتركة لتعمل ضمن برنامج ريادية توفر الوقت والجهد والايدي العاملة واستطاعت العديد من البلديات الاستفاده منها بل ونسخ التجربة و تعقيم العديد من الأحياء والتجمعات السكانية والمؤسسات الحكومية الخدمية بوقت قياسي نتيجة هذه التقنية في جميع المحافظات والبؤر الساخنة حتى مناطق تجمع المزارعين في وادي الأردن التي اعتز بانتمائي لها، وقد بادرت كوادر بالتبرع لوزارة الصحة كلا حسب مقدرته منهم من تبرع باجر يوم وصولاً إلى من تبرع بما يقارب شهر ونصف من راتبة الأمر الذي يدل على روح الانتماء والمواطنة وكانها سمة كل من يعمل بالأرض ومتشبثا بزراعتها رغم قلة الموارد.
قادني الفضول إلى البحث على الشبكة العنكبوتية حول هذا المركز واذا به ينشر إستراتيجية واضحة لعمله منطلقا من واقعنا في شح الموارد فيذهب في حلوله إلى استخدام اقل للمياه والاسمدة والمبيدات والطاقة والعمالة وفي ذات الوقت تحقيق إنتاج أعلى واجود من المنتجات الزراعية.
لست من عشاق مدح الأفراد ولم يعهدني احد امتدح الواجب، فخدمة الوطن في هذه المرحلة واجب، ولكن الإشارة إلى المركز الوطني للبحوث الزراعية أصبحت أيضا واجب، ولا زلت اذكر جيدا جلسات الموازنة العامية حين وجه الزميل النائب الدكتور إبراهيم بني هاني سؤالا لمدير عام هذا المركز حول مدى إمكانية تحقيق أهداف المركز رغم شح الإمكانية، فأجاب أن
الاستثمار في العنصر البشري عبر البحث عن فرص التأهيل والتدريب لهم داخليا وخارجيا والتركيز على طرق اعداد المشاريع البحثية ورفع الدعم الدولي غير الشروط وفن إدارة المشاريع الدولية وإعداد تقاريرها هو محور التنمية الداخلية، وقال أيضا ان التمويل المصادق عليه حكوميا وصل إلى اكثر من مليون دينار سنويا تعالج تحديات القطاع الزراعي.
أن التجربة الأردنية في إدارة الأزمة الصحية واستثمار الموارد المتاحة وتغليب صحة الإنسان والوطن على جميع المصالح سوف تنعكس إيجابا في تعزيز دور الأردن في المنطقة في إيجاد بيئة حقيقية للجهات المانحة وجلب التمويل، ونثمن لهذا المركز البحثي، ولمديرها والكوادر العاملة هذا الجهد الوطني في مساندة أجهزة الدولة على تجاوز التحديات.
وفي هذا السياق لا بد أن تستفيد الاداره الأردنية من تجربة المركز الوطني للبحوث الزراعية، وأوضح من هذا المقال انني منحاز للزراعة وكل ما يأتي من خلالها واستمرارا في انحيازي اقول يجب أن نستثمر في هذا المركز ليحقق أهدافه الاستراتيجية فالاستثمار في البحث العلمي الزراعي هو مستقبل الغذاء.