دائما ما يتبادرُ الى ذهني سؤال عجزتُ عن ايجادِ إجابة منطقية له وهو، لماذا الغالبية من هذا الجيل تُعاني من نقصٍ في الوعي والثقافة وضعفِ الشخصية بل وحتى العجز عن اتخاذ قرار!
لا ألقي اللوم بقلة الوعي هذا فقط على سبب واحد وهو القراءة والمطالعة وطلبِ العلم في خارج الصندوق
"المدرسة وتخصص الجامعة"
ولا اتحدث بصفتي لستُ من هذا الجيل فأنا عمري لم يتجاوز العشرين، ولكنني بحمدالله استطعت ان اسمو وأعلو قليلاً عن تفكيرهم وعن التغييب الذي وقعَ عليهم؛ كيف خرجت من هذا الأمر؟ ببساطة الإطلاع والقراءة وحبّ المعرفة والإجتهاد وقبلَ كُلّ هذا الطموح وهو الذي فُقد عند الغالبية للأسف، ولكنني كما اوضحت في بداية الكلام قلة الوعي والإدراك ليسَ سببها الوحيد عدم القراءة!
بعد التفكيرِ ملياً إستنتجتُ جواباً قد يكون صائباً او خاطئاً، فلو عدنا بالزمنِ قليلاً ونظرنا الى طفولتنا وعلى ماذا بُنيت وأُسست لوجدنا عدةَ أمور فقدت في هذه الأيام، مثلاً:
الطفل الذي نشأ على أفلام كرتون وبرامج ركزت في محتواها على حُبِّ الغير وان الخيرَ دائماً ينتصر وزرعت في قلوبنا الرأفة والرحمة بالحيوان وعدمَ ظُلمِ بني الإنسان وان لا نرضى الذُلَ وحينَ المقدرة وجبَ علينا المسامحة والغُفران، أفلام كرتون ك بيل وسبستيان الذي أظهرَ لنا وفاءَ الحيوان او فلونة التي تعلمنا منها الصمود والإختراع وعدم اليأس، او سندباد الذي زارَ كُلَّ البلاد وأعطانا الشغفَ كي نتعرفَ على الثقافاتِ والحضارات، او بائعُ الحليب هذا الطفل الذي عانى من اجلِ قوتِ يومه بعدَ انّ فقدَ جَده الذي يرعاه، او مخلص صديق الحيوان الذي علمنا الرأفة بالحيوان من خلالِ قصصٍ وحكايات، او ليلى والذئب والتي أظهرت لنا توابعَ الثقةِ بالغريب، عهدُ الأصدقاء من زرعَ بنا الوفاء والصبّرَ على الشقاء، ريمي والحديقة السرية، وعدنان الذي قاتل من أجلِ لينا وحُبِّها بني الإنسان، كونان الذي بسببه تعلمنا وضعَ الإستنتاجات والتوقعات وأنارَ عقولنا منذُ الصغر، سالي التي ظُلمت ومن خلالها عرفنا طعمَ الظُلّم على المظلوم، اما ماوكلي والحيوان وكيفَ عرفنا من خلاله جشعَ الإنسان، لوز وسكر والسيدة ملعقة وزينة ونحول وساندي بل وصاحبةُ الظّل والكلبَ بوني، أكاديمية الشرطة التي حبّبتنا برجالِ الأمن وان السارقَ سيلقى عقابه في النهاية، خمسةَ عشرَ رجلاً ماتوا من أجلِ صندوق والكابتن ماجد وابن عمهِ رابح اللذانِ كنّا نحلمُ ان نصبحَ ابطالاً مثلما كانوا، حكايات ما أحلاها ويولندا وماجد لعبة خشبية وبنوكيو، سابق ولاحق وابطال الديجتل والصياد والنمر المقنع والمقاتل النبيل وسنان، ومئات الرسوم التي علمتنا الشُكرَ والثناء والطيبةَ والعطاء وحُبَّ الغيرِ والوفاء وكُرّهَ الظُلمِ وبالخيرِ السخاء ومعنى الصداقةَ والآخاء وأنّ الدُنيا بها الشقاء والظُلّمَ والبُكاء...
من خلالِ طفولتنا تعلمنا ووجبَ علينا شُكّرَ من علمنا فسبيستون وقتها حقاً كانت قناةً لبناء شبابِ المستقبل وأرتينز ما عرضت سوى الأمر المفيد، ومن خلالِ هذه المحطات ما كنّا نهتمُ لعالمِ السياسةِ والقاذورات والحروبَ والمؤمرات وما يدورُ في الأفلاك من مخططات وإستعمرات وقتلٌ وانتهاكات، كلُّ هذا جعلنا في عُزّلة عن الكآبة وقتلِ الطموح وأنشأ شباباً طموح، ايضاً اذا نظرنا الى الدين فقد إمتلأت مساجدُنا في ذلكَ الوقت بحلقاتِ الدين وتعليمِ القرأن وسنةَ نبيّنا الأمين، والصلاةُ والتضرعَ الى ربّ العالمين، حتى أنهم علمونا تاريخَ الإسلام وتاريخَ أرضنا فلسطين وقرأوا لنا قصصَ الصحابةِ والتابعين وعُظماءَ المسلمين الذينَ علّموا الناس أجمعين، بعلومِ الفلكِ والرياضيات والنظر والكيميائيات وتكتيك الحروب، والإقتصاد وبالقانونِ والدينِ حفظَ حقِّ العباد والكرمَ والزكاةَ للمُحتاج...
اما إذا نظرنا الى حالِ هذا الجيل والذي يعاني كما أسلفتُ من قلةِ العلمِ والدين، سنجدُ أنهم قد تربوا على رسومٍ وبرامج لا تحوي رسالةً او هدف واغلبُها يدعوا الى العنفِ ويحوي الخيال وهو الذي جعلَ موضوعَ تفكيرهم أمراً من المُحال، اضافةً الى الهائهم بالإلكترونيات والسوشل ميديا والمغلوطِ من المعلومات والبرامجَ المضحكات وغيرها التي تدعوا الى التحررِ والإنفلات!
كل هذه الأمور جعلتهم غير مدركين للواقع وجعلت قلوبهم أقسى وطموحهم معدوم وفي علومِ الدينِ هم جاهلين،
وأستنتجُ من هذا الأمر بعدَ ان دخلتُ في نقاشٍ معَ المئات من غيرِ نتيجةٍ تُذكر، أنّ السببَ الرئيسي لغياب الوعي عندهم كانَ فسادَ التربية والتأسيس ومن غيرِ المعقول أن أرجوا من الذي أُسس على خطأ ان يقرأ ويتثقفَ ويتعلم وعن محيطهِ يعلو ويسمو...