هي لوحة فنية بديعة على هيئة قطعة من الحرير الأسود المنقوش عليها بماء الذهب آيات من القرآن الكريم، تكسى بها الكعبة فتزداد جمالا وهيبة، ويتم تغييرها مرة كل عام خلال موسم الحج في صباح يوم عرفة في التاسع من ذي الحجة.
كساها رسول الله
تأتي الحكمة من كسوة الكعبة أنها اتباع لما قام به رسول الله "صلى الله عليه وسلم" والصحابة الكرام من بعده، فقد ورد أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري، كسا الرسول "صلى الله عليه وسلم" في حجة الوداع الكعبة، فقد احترقت على يد امرأة تريد تبخيرها فكساها محمد بالثياب اليمانية، ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده، أبوبكر وعمر بالقباطي، وعثمان بن عفان بالقباطي والبرود اليمانية؛ حيث أمر عامله على اليمن (يعلى بن منبه) بصنعها، فكان عثمان أول رجل في الإسلام يضع على الكعبة كسوتين، أحدهما فوق الأخرى، ومن عام الفتح إلى يومنا هذا، انفرد المسلمون بكسوة الكعبة.
ثوب الكعبة الجديد
وتستبدل الكعبة كسوتها مرة واحدة كل عام وذلك أثناء فريضة الحج بعد أن يتوجه الحجاج إلى صعيد عرفات، ويتوافد أهل مكة إلى المسجد الحرام للطواف والصلاة ومتابعة تغيير كسوة الكعبة المشرفة القديمة واستبدال الثوب الجديد بها، استعدادًا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي الذي يوافق عيد الأضحى.
على مرّ العصور ذكر ابن اسحق أنّ تبع الحميري ملك اليمن كان أول من كسا الكعبة كسوة كاملة، كما ذكر أنّ أبا ربيعة بن المغيرة اتفق مع قريش على أن يكسوها عامًا، وأن تكسوها قريش عامًا آخر، كما ذكر ابن إسحاق أن زوجة عبد المطلب وهي أم العباس فقدت ابنها العباس يومًا، فنذرت إن رد الله عليها ابنها أن تكسو الكعبة فكستها الديباج الأبيض، ولم تكن هناك كسوة خاصة للكعبة حيث كانت تكسا بالجلد والنسيج، وبألوان مختلفة، وفي الإسلام كان النبي "عليه أفضل الصلاة والسلام" أول من يكسو الكعبة، وكساها بالثياب اليمانية، وهي ثياب مخططة باللون الأبيض والأحمر، واستمرّ على ذلك الخلفاء بعده أبوبكر وعمر وعثمان، كما كان عبدالملك بن مروان يكسو الكعبة بالديباج، وفي عهد العباسيين كان المأمون يحرص على كسوة الكعبة ثلاث مرات في السنة، وعرف ممن كسا الكعبة الصليحي صاحب اليمن، والفاطميون، وفي العصر الحديث كسا الإمام سعود بن عبدالعزيز الكعبة بالحرير الأحمر الفاخر.
وأغلب الروايات التاريخية، ذكرت أن كسوة الكعبة الشريفة كانت تُصنع فى مصر، وتذهب إلى السعودية في موكب عرف بـ" المحمل " بدءًا من عصر الخليفة عمر بن الخطاب، حيث كانت تُحاك وتجهز فى مصر، وفقًا لكتاب « تاريخ الكعبة المُعظمة »، والذى ذكر ذلك، وكان آخر "محمل" خرج من مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعاد إلى مصر قبل أن يصل إلى الأراضي السعودية بسبب خلافات سياسية آنذاك.
لتبدأ المملكة في صناعة كسوة الكعبة في منطقة أم الجود، ثم نقلت الصناعة إلى منطقة أجياد، ثم أصبحت كسوة الكعبة تصنع من القطن والحرير في مصنع خاص بمكة يعمل به الآلاف، ويطرز على ثوب الكعبة آيات من القرآن الكريم بخيوط ذهبية، ويؤتى حرير الكسوة من إيطاليا، بينما يؤتى بالذهب والفضة من ألمانيا، ويبلغ وزن الكسوة ستمائة وسبعون كيلوغرامًا.