بعض الناس عبارة عن بذور طيبة النوع ، لمآ زرعناها في قلُوبنا أنبتتّ لنا وردا عطّر عالمنا، وعالم من تعطر بأخلاقهم وسماحتهم وتواضعهم الجم ، فهم كالغيث بجماله ورائحته ومفاجآته يزّرع في دآخلَنا ألفَ زهرة ويتركُوا إبتسامة تملأ الْقَلْوب بالحَياة ، فجميله هي أرواحهم التي لا تهزمها الظروف مهما كانت كشجرة الياسَمين تبقي صامده مهما الفصول عليها توالت ورغم كل شيء يفوح طِيبها ولونها الأبيض الذي لا تشوبه شائبه...هكذا هُم القدوات من الآباء والعلماء والفقهاء والشيوخ والنبلاء والحكماء حدائق من الورود والأزهار تفوح منهم روائح عطرة مثل مواقفهم ومآثرهم الطيبة ونضوج فكرهم ورؤيتهم عالية البعد في الأستشراف ، فهم علماء كبار يبصرون طبائع الناس وخصائص الأمم ومميزات الأقوام... فتبقى سيرهم عالقة في الأذهان صورة مشرقة من أفعال الكبار أمثالهم، فأفعالهم دائما أبلغ من الأقوال كرماء في العطاء كشجرة مثمرة كلما أخذت منها زادت نضوجا وجمالا ومذاقا، فأقوال أهل القدوات من المفكرين والعلماء لهم تأثير بليغ في التأثير والتأهيل في تعديل السلوك والارتقاء في سلمّ الإنجازات والإبداعات أكثر من قراءة الكثير من الموسوعات والمراجع لأن تأثير القدوة النموذج أقوى الأسلحة في الاقتداء .نعم هناك أطباء يعالجون أجساد من الأمراض وهناك مفكرين يعالجون أدمغه لكي تبتكر وتبدع وتضيء العتمة أمام أجيال المستقبل، فنجد معاني المجد والقيم الأصيلة عند قرأة سير هؤلاء الذين يحملون منابر للفكر والمعرفة والقدوة والسمو في توجيه العقول بالأفكار الجديدة التي نسعى إليها للانطلاق من محطات القطارات القديمة إلى الفضاء المعرفي للأرتقاء بمستوى الإنجازات والإبداعات لأبنائنا وبناتنا من جيل المستقبل الذي نهدف لتطهيره من الأفكار الظلامية المسمومة. ..هكذا هُم في ميزان القدوة الحسنة والنموذج الذي يشار إليه بالبنان... ولقدر ومعزة هؤلاء القدوات في نفوسنا نقول بأنهم كالصبح يشرق مرتين مرة بشروق أشعة الشمس ومرة بإشراقة وجوههم الطاهرة ذات الجاذبية الإنسانية النبيلة التي تأنس لها الأرواح والقلوب،
نعم نقول الناس الأوفياء ندرة، هُم الذين يخلدون في الذاكرة الوطنية ويذكرون عند الشدائد، وتبقى الألسن تلهج بذكرهم الطيب، وتنمو أفعالهم الخيرة كالصدقة الجارية ، لا ينقطع أثرها أبد الدهر ، فالإشارة اليهم تبعث الحياة في العظام وهي رميم .
فالأوفياء يتركون في قلوبنا نورا لا ينطفئ أبداً نحتاج اليهم دوما لأنهم يجعلون السعادة منا أقرب ويزرعون الأمل والتفاؤل في نفوسنا ، فهم سر من أسرار الرحمن.ولمثل هذه الأيقونات وقدرهم ومكانتهم المعرفية ونصوج ثقافتهم، فهم من الاشخاص الذين إزدادت هيبتهم ووقارهم في قلوبنا وزدادت هيبتهم بريقاً في أعيننا ، فسكن حبهم بالقلب وأزهرت وتلونت الحياة بالسعادة بوجودهم وخضرّت الأرض زرعاً وثمارا ناضجة ...فهم كالقلم والكتاب الذيّنِ يضيئا العتمه بفضل فكرهم النير شموعاً..والكنز الذي نتكئ عليه في تدبير حياتنا...والسيف شديد البتار الذي نستقوي به بفضل سلوكهم في النزاهة َوالاستقامة.. هكذا عرفناهم من فكرهم العميق ومرجعيتهم في القيم العالية والأصول الثابتة القائمة على الثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية..لذلك نحاول أن نشكل حديقة من حمى أخلاقهم وطموحهم لأنتخذها متنزها لنا حين نخلد إلى أنفسنا ، فنحتار من أين نبدأ لأننهل من علمهم الزاخر وطيبهم الباسق.فأدامهم الله منارة يستنير تحتها كل باحث عن وطن آمن.. ..
صباحي بدأ بهم حينما أقرأ سيرهم التي أجد فيها القلم الذي يكتب لنا السعادة والممحاه اللطيفة التي تمحي أحزاننا ونجد في سيرهم النافذة التي نطل من خلالها على عالم وفضاء المعرفة والفكر والإبداع والإصلاح، فما أجمله من صباح...
الدكتور محمد سلمان المعايعة/أكاديمي وباحث في الشؤون السياسية.