في رسالة حب وسلام وتعايش تبرز قيمة دينية وثقافية وحضارية للهوية الوطنية الفلسطينية، دأب عشرات الخبراء والعمال على مدار ثماني سنوات على رسم أكبر جدارية فسيفساء لتزين واجهة دير حجلة الواقع في مدينة أريحا ، هذه الجدارية التي تحيي فن الفسيفساء "الموزاييك" تعد ذات قيمة تاريخية ودينية تصور الحياة قبل 1500 عام في بلاد الشام ومصر.
في مدينة أريحا الفلسطينية، مدينة القمر والنخيل، وعلى بعد نحو ثلاثة كيلو مترات غربي نهر الأردن، يتربع " ديـر حجلــة " التاريخي، ليستقطب يومياً المئات من السياح، لا سيما الذين يقتفون آثار الرهبان، الذين عاشوا في الدير الأقدم في فلسطين، وربما في العالم أجمع. ومن بين زواياه الأثرية، ولوحاته الفسيفسائية العتيقة، لا يزال دير حجلة، يبوح بأسراره وحكاياته مع إشراقة كل صباح، حيث يستقبل زائريه وقصّاده، من مختلف بقاع الأرض، وعلى اختلاف أديانهم، برسالة سلام دينية، يغلّفها الطابع الثقافي والحضاري، الذي يرمز للهوية العربية الفلسطينية.
لقد تم انجاز مشروع أكبر خارطة فلسطينية فسيفسائية، لتضفي جمالاً ورونقاً خاصاً على الدير القديم والتاريخي، الذي بناه القديس "غراسيموس" العام 455 بعد الميلاد، حيث أقيم على أنقاض المغارة التي ارتاحت فيها مريم العذراء، خلال رحلتها من مدينة الناصرة، إلى بيت لحم.
القصة بدأت بفكرة تحويل خارطة مأدبا المرسومة كاملة إلى نسخة فسيفسائية مكبرة بمساحة 90 متراً مربعاً، ، وهي أكبر جدارية في العالم، وهي جزء من مسرح إسكندر الكبير وتحتوي على المناطق التي سيطر عليها إسكندر المقدوني في المنطقة، وتم بدء العمل فيها منذ عام 2010 ، فعملية رص الأحجار الملونة الدقيقة التي تجاوز عددها المليون حجراً استغرق ثماني سنوات من العمل على قدم وساق لإتمام اللوحة على أكمل وجه وعندما زرت دير حجله قبل نحو عامين كان لا زال العمال يضعون اللمسات الأخيره على هذه اللوحة العريقة .
تم الحصول على الصخور الطبيعية، وتم تقطيعها إلى قطع صغيرة على شكل مكعبات، ثم تم رسم الخارطة وتم رصّ الحجارة وصبها بالطريقة المرسومة على الخارطة، وتحتوي اللوحات على رسومات وأشكال وأماكن قديمة وكنائس وماعز ونخيل.
مدينة القمر والنخيل أريحا أقدم مدن العالم التي تعد وجهة للسياح من كل حدب وصوب أضافت معلماً جديداً بهذه الجدارية التي تجذب السياح اليها، وتعتبر خارطة الفسيفساء من أجمل المشاهد التي شاهدتها في دير حجلة ، والتي تعبر عن التاريخ والحضارة القديمة التي بنيت بأيادٍ فلسطينية.