بقلم : فايز الماضي
في ظل الظروف الدقيقة والمصيرية المعقدة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط حاليا , وتحديداً ما تعيشه منطقتنا العربية من ظروف بالغة الدقة , وفي ظل حالة القلق التي تتنازع أبناء هذه الأمة ما قد يُرسم لهذه المنطقة من مستقبلٍ تُنسج خيوطه وحبائله في دوائر الاهتمام الدولي والإقليمي, وفي ظل ما يتعرض له وطننا الأردني العزيز من حملة ظالمة تستهدفُ نجاحهُ وإنجازه وتميزهُ ودوره, يقودها بكل أسف عن وعي أوعن غير وعي بعض أبنائهِ إضافةً الى حاقدين وحاسدين.
في ظل هذه الظروف كُلِها ما أحوجنا نحن كأردنيين الى صوت العقل والحكمة, وما أحوجنا بأن لاتخوننا الذاكرة وننسى أننا نعيش في وطن عزيز وكريم, وبأن الأوطان لاتُبنى إلا بالمحبة والإيمان, وما أحوجنا أيها الإخوة الأعزاء بأن لانجلد أنفسنا وذاتنا وبأن لانُقزِّم من حجمنا ودورنا المشرف والنظيف, وما أحوجنا كذلك نحن كأردنيين بأن ننفض عن أنفسِنا غبار الوهم والقلق وننهض من جديد بكل صلابة وعزم وإيمان, أسرةً أردنيةً واحدة متحابة تلتقي على محبة هذا الوطن وتعمل لعليائهِ دون مِنّه وبكل إخلاصٍ وتفانٍ.
إلا أن ماهو مقلقٌ ومؤسف ما نشهده اليوم ونراه ونطالعه من حالة التباكي التي تتنازعها أقلام وأفكار لأبناء عشائر وقبائل عزيزة وغالية خوفاً على مصير العشيرة وإستهدافها, وفي هذا الصدد أرجو أن أذكر أبناء عشائرنا الأردنية بأن العشيرة في هذا الوطن كانت عزيزة وما تزال وستبقى مُكوِّناً من مكوِنات مجتمعنا الأردني النبيل وأنها أبداً لم تكن في دائرة الاستهداف يوماً من الأيام, وأن على أبناء البادية الأردنية أن يتذكروا جيداً بِأنهم كانوا على الدوام ومنذُ أن أطلت علينا راية الحق والخير والسلام من على طلائع خيول الهاشميين ورِكابِهم فوق مايزيد عن ثمانين عاماً , كانت العشيرة في دائرة إهتمام الدولة الأردنية وفي سويداء قلبِ مؤسسها وعقلهِ ووجدانهِ , وكانت العشيرة في باكورة القرار والإهتمام السياسي لعبدالله الأول بن الحسين, كم هي ألآن في قلب ووجدان ورعاية صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني أبن الحسين, والى الذين لايقرأون من أبناء عشائرنا العزيزة أرجو أن أذكرهم بالعودة الى الجريدة الرسمية الأردنية رقم (216) الصادرة في 28كانون الثاني لعام 1929 ليقرأوا نص الأمر الأميريّ السامي آنذاك بتشكيل أول لجنة تمثل أبناء البادية الأردنية جنوبها وشمالها في أول مجلس تشريعي شهدته الدولة الأردنية في باكورة تأسيسها , فيختار عبدالله بن الحسين نخبةً من زعماء البلاد وساستها أمثال عواد بن ماضي, ومثقال الفايز, وغيث إبن هداية, وحديثه الخريشا, ومنصور القاضي, وشبيب الكعيبر , ليشاركوا في مسؤولية بناء دولتهم الناشئة ويساهموا في وضع لَبناتها الأولى .
علينا أن نعي تماماً أنه وفي هذا الوطن الأردني العزيز لا مجال فيه للمسميات والتقسيمات , وأن علينا أن نترفع عن ههذه المسائل , وبأن نتفق على أن معيار المواطنة الصالحة هو بمقدار ولاء كل منا وانتماءه وعطائه لهذا الوطن, وبأن على البعض من أبناء هذا الوطن العزيز أن يخرجوا من دائرة الوهم أو إفتعال الأزمات او العمل على التناقضات التي لا تصب إلا في مصالح ضيقه وفردية ولاتعزز قيمة العيش المشترك لأبناء الوطن الواحد, وأن علينا كأبناء عشائر أن نخرج من دائرة المجتمع الضيق الى دائرة المجتمع المدني الرحب مُسلّحين بقيم ومبادئ العشيرة النبيلة, وأن نخرج من حالة الانكفاء على الذات, ونعي أن الأردنيين هم الذين رسموا الملامح الأولى للدولة الأردنية للدفاع عن مبادئ هذه الدولة وأهدافها السامية, وأنهم جميعاً شركاء في المغنم والمغرم, وبأن تنوعهم وفسيفسائهم التي رسمت صورة الوطن الأولى هي سر قوة الأردن ومنَعتهِ وكبريائه, وأن الأردن إنما هو نتاج ثورةً عربيةً كبرى على الظلمِ ودعوةً الى الخيرِ والسلام, قادها الهاشميون وضحّى من أجلها أحرار العرب والمسلمين, وأن الأردن كذلك هونتاج ثورةٍ توحّدَ فيها الدمُ والهدف وكان فضائها هذا العالم الرحب وهدفها السامي هو خير الإنسانيةِ جمعاء, وأن الأردنيين هم حملةُ رسالةٍ إنسانيةٍ مقدسة يقودهم أحفاد الهاشميُ الأول ورسول الإنسانيةُ صاحب رِسالة المحبةُ والسلام محمدٌ صلى الله عليهِ وسلم الذي بعثه الله رحمةً للعالمين.
وأملي أن يتذكر أبناء عشائرنا الأردنيةُ الوفية وأبناء أسرتنا الأردنيةُ الكبيرة ....... أن فينا نحن الأردنيون من كل دمٍ عربيٍ ومسلم .......... وأن جذورنا تمتد في وطننا العربي الكبير من أقصاهُ الى أقصاه, وأن أردنياً أنّىَ كان أصلهُ ومنبته .. لايتقدم على أردنيٍ آخر إلا بما يقدمه لوطنهِ وأمته....