في الذكرى السابعة على وفاة والدي لتاريخ ٢٤ - ١٢ من كل عام والذي أنتقل إلى جوار ربه لعام ٢٠١٣ وعلى ذكرى أطلال طيب الكرماء وفي يوم أصابنا به ألم وحزن ولحظة انكسار بوداع فراق فقدان من نحب والدا سخيا كريما مضيافا محب الخير للناس وشاهد عندما يكن جالس في بيته يناشد عابر السبيل مهما كانت هويته وبلدته ببساطة تعامله لا يحقد ولا يكره والذي أفنى حياته وشبابه في الجنديه لمرتبات الدفاع المدني والعمل الأنساني المشرف الذي يفخر به جنود الوطن وتلك اثار والدي ما زالت فينا ما حيينا على دأب الكرم والعطاء والفطره التي ربانا عليها بأحترام الناس والوفاء لهم والذي لا يعرف حقيقة الوالد اثناء خدمته في شرف العسكريه قد لا يعرف شخصيته ووسامة هندامه العربيه فهو قصير النظر بنوعية الرجال الوفيين والذي كان متلازم عطر بيته على الدوام رمزية الأصالة وروائح الهيل التي تفوح والقهوة العربية والدلالها عامرة منذ صغرنا لا شك ولا يختلف عليها أبناء قريته في غور فيفا والتي كان يتغنى بها على مسامعنا واذا يقول لي اثناء صحوة الفجر وهو ينصح ويعلمنا الدروس والعبر وليس هناك مدرسة بالوصايا بعد مدرسة الوالدين يأبوي الكريم حبيب الله والكرم فخر الرجال له بركه ورزقه. والذبح لوجه الله بدفع البلاء ..ومن أعطى الناس .. الله أعطاه . والصدقه بجيك علومها .. وعز نفسك تجدها غير ناسيا ويردد ولع النار يأبوي والمثل على قوله ولعة النار ولى المعزب الردي ..وغسل على الرجال حتى يغسلو عليك وكم منا من يحتاج الى تلك العبر والأمثال والحكم التي يحفظها والده .وهذا الحال باقي والموت لا مفر ونجاة منه ويبقى كرمنا وعطاؤنا ومواقفنا باليمين سخيه مع الناس لا تنتهي على نهج الوالد رحمه الله .
هذه هية خصلة الوالد وسجاياه الطيبة التي لا تجانب الحقيقة وورثها عن أجداده ال عيسى محمد علي وال كساب علي محمد وال سمور علي وال عليان علي وال غيضان علي وهم عائله واحده لا فرق بينهما وإن كانت المسميات ذلك الأرث الذي يحتفظ به والدي عن أجداده وهو من مواليد عام ١٩٥٢ وعن حديثه لنا عن التاريخ بئر المعاقلة غربا وعن الواحات الخضراء والدواليب ورجم المعاقله عن إرث الحوض المتدفق بغزارة للمياه امتدادا لتلك الواحات وبار المرتسم عن قناديل السمار وعرب المعاقلة وعرب النسره وعن بيوت الشعر التي سكنوها تلك المعلومات كرسها بحفظ من كبار العشيره ومن شقيقاته مواليد ١٩٣٠ ومواليد ١٩٣٥.والذي كا الأخ الأصغر والوحيد لشقيقاته وأخوة أثنان من والدته عاشوا معه على حلو الحياة ومرها .
تلك الشواهد سابقه بالفخر عن المعاقلة الحجازيه والأردن وقبيلة بلي الذي ذكرها لنا المرحوم الشيخ علي مهاوش محمود المعاقلة الحجازي الذي كان يسكن معنا في بيت والدي وهو من مواليد المدينه المنوره لعام ١٩٢٠ وفي حديث سابق العهد في منطقة غور فيفا وفترة التسعينات وهذا على مسامعنا هو قاسم مشترك يروي لنا عن أمجاد أسم أبناء المعاقلة البركات في الأقطار العربية وأضافة على ذلك مؤخرا في ديوان الوالد وبحضور العم عبد المجيد المعاقلة والعم جمعه عوده المعاقلة والعم شافي المعاقله والقاضي العشائري الشيخ نايف مسمح سليمان المعاقلة والشيخ سليمان ابو طارق العرادي البلوي لسنة٢٠٠٧ وشاهد على ذلك المرحوم الشيخ محمد عبد الدرويش وهو رفيقا لوالدي منذ عسكريته وبحضور عدد من وجهاء المنطقه عن مقدمة القبيلة بالشيخ ابن رفاده المعاقلة وشيوخهم الأفاضل وكان الحديث يسود برحمة من المودة والألفة .
ذلك الماضي العريق المخضر بالطبيعة والذي روى لنا عنه الأستاذ الكاتب خالد ابو حجاز استاذ التاريخ وهو من الرعيل الأول والذي يرسم لنا معاني وفائيه عن العصر القديم معانقا لغة الضاد والأدب حيث وصف لنا ذاكرة المكان في غور فيفا لأبناء معيقل بموجز اشعاره الأدبيه قائلا بعرفان :
ألا ليت شعري ..وفمي يتوق لشربه
من بئر وبار .. بمضاق عذب معيقلي
يوم مررت بواحة .كالتي بفيفة المعقلي
شممت دون الراقدين . عبيرها فواح عنبري
فهل يعود وداد .واردها كعاشق امثلي
أرخ الكاتب عن واحات الزمن الجميل التي فيها الينابيع التي تنبض بالحياه والمشبعة بكرم اهلها والجود وأصولهم الطيبة التي سطروا لنا ذكرى فيها صور التعاون عن حالة العيش والملح وإن الحياه كانت بينهم ماساه وملهاه وهذا الشطر الأخير لا يفسره إلا أهل الأدب .
والدي المرحوم المكنى بأبن عقيل وابو ظبي لنخوته وشهامته واصالته الطيبه وأحترامه للناس والذي كان شاهدا في معركة الكرامة أثناء السجال والحسم وهو في ريعان شبابه وفي فترة التحاقه بالعسكرية وفي رفقته ابن عمه الذي ذكره لنا بانه كان معه منذ صغره في بيتا واحد وهو العم سليم كساب المعاقلة والذي عاش معه طويلا .
وفي الوداع الأخير للوالد الذي قضى أخر ايامه بعد العسكريه بسنوات طويله متغيرة الملامح التي ظهرت على شخصيته والسيرة المرضية التي عانا منها كثيرا وليس على المريض حرج وهو قائم ويعطي البيت حقه على عادته بشب النار وإعمار القهوة الممزوجة بالهيل والبهار الذي لا ينقطع يوما بعد يوم ليمضي على نهج من سبقه ولقد ترك لنا الوالد اثرا طيبا غرسا ناجحا بمحاسن الأخوة النشامى بسام واسماعيل وابراهيم وسامر وصخر.. لنكون كما اراد قائلا بان نكون سندا لأبناء العمومة وان لا نفارقهم وأن الظفر ما بطلع من اللحم موصيا لي اكثر من مره بأن نكن كرماء أسخياء وأن لا نبخل على الناس ولا نغدر بهم .
وهذه شيم الوالد رحمه الله التي اورثها فينا من الخير ومحبة الناس ولنعلم بأن البذره الطيبة لا تنتج إلا خيرا طيبا وهذا من فضل دعواته لنا في جوف الليل اثناء شدة المطر التي كنت اسمعها وعيناه تذرف من الدموع سائلين الله ان نكون حسن ظن الوالد .وما زالت رائحة الوالد عالقة في جدار البيت وهذه عادة الأبناء عندما يموت الوالدين يفقد جزئيه كبيره من حياته وتبقى الذاكره تراوده عن رغد ونعمة الوالدين وهم رضا من رضى الرحمن .وهذا والدي الذي عاش حتى الممات وهو يفكر في والدته متأثر على فراقها وأي حنان وبر يبقى سنوات طويله فيه ذكرى الوالدين . ورحم الله روحا صعدت الى ربها لم تعمد الأساءة للناس ولو مره في الحياه .
اللهم إن والدي ابو بسام المحسن في حبل جوارك وإننا نحتسبه ولا نزكي على الله أحد فلا يزكى على الله أحد وقد غادر الدنيا إلى مستقر رحمتك وعفوك يا أرحم الراحمين واللهم نسألك له الجنة ونعيمها وأرزقه النور والفسحة والسرور في زمرة المتقين والمحسنين والصالحين وحسن أولئك رفيقا واللهم إن كان محسنا فزد في حسناته وإن كان مسيئا فتجاوز عن سياته واغفر اللهم له ولأمواتنا وأموات المسلمين أجمعين .