في يوم 17 أيار 1948، تقدمت الكتيبة الرابعة من الجيش الأردني بقيادة المقدم حابس المجالي إلى مناطق اللطرون التي كانت تُعتبر باب القدس الغربي نحو الساحل، احتلت الكتيبة مواقع دفاعية من عمواس في الغرب حتى يالو شرقا، وكان متطوعون اردنيون ومجاهدون فلسطينيون من اهالي قرى اللطرون قد اغلقوا طريق القدس – تل أبيب الرئيسة قبل وصول الكتيبة لمنع وصول النجدات الى المقاتلين اليهود المحاصرين في الحي اليهودي في القدس ويهددهم ابطال الكتيبة السادسة بقيادة عبد الله التل بالفناء او الاستسلام، كانت أوامر بن غوريون لقادته أن تُفتح الطريق لإيصال الدعم لهم بأي ثمن، كانت الكتيبة مسلحة بجميع أنواع الأسلحة الخفيفة ومعها مدافع (مورتر) ومدافع مقاومة للدبابات ورشاشات متوسطة وعدد قليل مدافع 25 رطل، قام حابس بتوزيع قواته فنصب المدفعية المضادة للدبابات في المنطقة المطلة على الشارع الرئيسي، ومن ثم راجمتين عيار ٣ إنش، ومن خلف المدفعية اتخذت المشاة مواقعها، وتم تحصين مركز شرطة اللطرون ووضع الأسلاك الشائكة من حوله، ونُصبت المدافع الرشاشة على البرج الغربي والشرقي لمركز الشرطة، ووضعت المدفعية 25 رطل إلى الغرب من عمواس، وجعل مركز قيادته في قمة الجبل في مقام سيدنا معاذ، على مدى الاسابيع التالية قامت الكتيبة بصد هجمات اليهود المتكررة لاحتلال قلعة الشرطة والتلال المحيطة بدير اللطرون، وقد إستمات اليهود في هجماتهم التي كانوا يقومون بها في كل ليلة تقريباً، وفي المقابل استمات ابطال الكتيبة الرابعة في الدفاع عن مواقعهم، مع الايام توطدت العلاقة بين اهالي قرى اللطرون وهي يالو وعمواس وبيت نوبا ومقاتلي الكتيبة وكانوا يرفعون الروح المعنوية لهم ويشدون من ازرهم خلال المعارك، حتى ان قائد الكتيبة حابس اصبح يعرف وجهاء تلك القرى بالاسم وكانوا يزورونه في موقع قيادة كتيبته، كان الفتى جاسر زياد ابن يالو ذو السبعة اعوام يتابع المعارك بحماس وقد شاهد ذات يوم طائرة اسرائيلية بدائية القى طيارها بعض القنابل بيديه من نافذة الطائرة على خنادق الكتيبة، وشاهد مرة اخرى طائرتين مصريتين تغيران على مواقع الكتيبة بالخطأ فدمرتا مدرعة اردنية واستشهد فيها جنديان، بعد ان انهى الفتى دراسته الثانوية كان يداعبه حلم ان يصبح طيار مقاتل فتقدم بطلب للانتساب لسلاح الجو، وفي يوم المقابلة تفاجأ بالعشرات امامه ومعظمهم معهم واسطات كبيرة مما احبط اماله واشعره بعدم وجود اية فرصة لقبوله، كانت لجنة المقابلات برئاسة حابس المجالي وعضوية صادق الشرع، ما ان دخل الشاب للمقابلة سأله حابس من اين اتيت فأجابه من يالو، انفرجت اسارير حابس عندما سمع اسم يالو وسأله ابن من انت فأجابه ابن الحاج عثمان (اسم جده) وكان حابس يعرفه فقال للجنة زياد سيُقبل طيار، وهكذا كان، وقد حضر المغفور له الملك الحسين حفل تخريج دفعة الطيارين عام 1962 وكان منهم الطيارون جاسر زياد واحسان شردم وينال شردم وعوني بلال ومحمود جمال بلقز وفخري ابو الشعر وعمر صايل الحسبان وغازي الصمادي وعمر العنبر وعصام ملحس، في معركة السموع الجوية صباح يوم 1966/11/13 قاد الطيار جاسر السرب الازرق مع الطيار فاروق عابدين وخاض المعركة بجدارة واصاب احدى طائرات العدو، كما شارك مع رفاقه في حرب حزيران ... يوم امس الاربعاء التحق الطيار جاسر زياد بعد 54 عام برفيقه وزميل السلاح الشهيد الطيار موفق بدر سلطي، تغمدهم الله بواسع رحمته وغفرانه واسكنهم الفردوس الاعلى.