لم اكد اصدق الخبر الذي قراته اليوم عن وفاة الزميل الاستاذ محمد الازرق قبل ثماني سنوات، ذلك لانني كنت دائم السؤال لمستمعينا ومتابعينا في المغرب الذين كانوا يؤكدون عدم علمهم باي معلومات عنه.
كم كنت اتمنى عندما كنت مذيعا في الاذاعة الاردنية ان احظى بالانضمام الى محمد الازرق والاساتذة الاكابر في بي بي سي التي كانت المصدر الاول للعرب في كل مكان لسماع الخبر الصحيح، وحلم كل اذاعي عربي.
وعندما انضممت الى بي بي سي في لندن، وجدت دعما من كل الاساتذة المذيعين، لكن محمد الازرق كان ملاصقا لي وناصحا وكان دائم الاتصال معي.
كان الازرق جريئا في قول الحق، وفي مطالبته بحقوقه من الادارة ، كان يتحدث بصوت عالٍ مسموع لكل المكاتب المجاورة.
كانت له طريقة فريدة بالقراءة تشبه التجويد... يضع يده اليمنى على مقربة من فمه ويحركها الى اعلى واسفل مع تحريك وجهه يمينا ويساراً لاعطاء الصوت ضخامة وصدى... يجادل مترجم الاخبار حول مناسبة الكلمة للخبر.
من نصائحه المتكررة لي ( لا تُوَقَّعْ على اي وثيقة او ورقة قبل ان تقرأ جيدا... هنا لا يغفر القانون خطأك ).
كان يهتم كثيرا في هندامه واناقته، وكذلك بغذائه حيث كان يعرف السعرات الحرارية في كل طعامه والحلويات والفواكة. ... كان لا يتوانى عن تقديم المساعدة لاي زميل ..كريم النفس، ذا شخصية واثقة من نفسها.
زارني في بيتي مرتين وأُجِبَ كثيرا في الاكلات الشعبية الاردنية، واَحَبَّ كثيرا القهوة الاردنية وحلوى الهريسة ( البسبوسة او النمورة ).
اذكر انه طلب مني ان اساعده في ترتيب شقته بعد اصابة يده اليمنى بجرح كبير نتيجة لتعامله مع لوح زجاج مكسور... ذهبت الى شقته وكانت بعيدة عن مكان سكني... وبعد ان انهينا الترتيب قبل الغروب اصَرَّ على تكريمي وعَرَضَ عليَّ ان نشرب القهوة في مكان قريب لمحطة القطار الذي يوصلني الى منطقة سكني... اخذني الى محطة ( بيكر ستريت ) وشربنا معا قهوة ( لاتيه ).
كان استاذنا الازرق كتوما .. لا يعرف اي احد اين يسكن... رقم هاتفه ... متزوج وله ابناء.. ونتيجة هذا التكتم لم نعرف نبأ وفاته الا بعد ثماني سنوات من رحيله الى جوار ربه...
كان زميلا استاذا وصديقاً واخاً... واني على فراقه لمحزون... الله يرحمه.