لقد حرَّكت فاجعة السلط يوم أمس السبت من جرَّاء نقص الأوكسجين في مستشفى السلط الحكومي لمرضى الكورونا وغيرِهم قلوبَ جميع الأردنيين، فهزّت وجدانهم، ووحَّدَت قلوبَهم على قلب رجل واحد وهو ضرورة محاسبة المتسبِّبين بذلك، وضرورة تغيير النهج في إدارة ليس فقط القطاع الصحي بل كافة قطاعات المجتمع الأردني. فالصحة، رغم أنها في المقام الأول، إلا أنها لا تقل أهمية عن التعليم، والعمل وغيره.
وما أثلج قلوبَ الأردنيين ورفع معنوياتهم وهدّأ من عِظَمِ فاجعتهم هي الزيارة المفاجئة التي قام بها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه، إلى مستشفى السلط الحكومي ليقف على أسباب الحادثة وتداعياتها، ومعالجة الخلل ليس فقط من جراء هذه الحادثة ولكن أي خلل سببه القصور في إدارة الشأن العام. فثقة جلالة الملك التي ينعم بها على أصحابها هي ثقة جديرة بالإحترام والتقدير وبالعمل الدؤوب المتواصل تفانياً وخدمةً لتقدّم مسيرة الوطن خطوات للأمام وليس للتدحرج للخلف .
لقد قطع جلالة الملك برنامجة اليومي المكتظ بالمسؤوليات الهامة، وتوجَّه فوراً بالزي العسكري إلى مستشفى السلط الحكومي ليعبّر:
أولاً: عن مدى الغضب الذي ألمَّ به جراء هذه الحادثة التي تسببت في وقوع سبعة ضحايا كانوا هم أصلاً فريسة لفيروس البؤس والشقاء كوفيد-19، وأسفرت عن إقالة مدير المستشفى واستقالة وزير الصحة.
ثانيا: زيارة جلالة الملك المفاجئة تحمل رسائل هامة بأنّ المسؤولية المجتمعية والوطنية كبيرة في شتى المواقع والميادين ولا يجب أنْ يُستهان بها بل يجب القيام بها خير قيام من غير تقاعص أو إهمال أو تقصير.
ثالثا: إنَّ زيارةَ جلالةِ الملك بزيه العسكري المهيوب إنما يعطي الإشارة إلى الحزم والإنضباط والكفاءة والمهنية العالية التي تتحلى بها قواتنا المسلحة الأردنية في بذل الغالي والنفيس في سبيل الوطن وقائد الوطن والمواطن الأردني وكل من وطأت قدماه أرض المملكة الأردنية الهاشمية، فيبقى المواطن الإنسان هو الأغلى لأنه ركن أساسي من ماضي الوطن المجيد، وجزءٌ فعَّال من حاضره وصانع لأمجاده المستقبلية.
يحق لجلالة الملك أن يَغضب عندما يتعلق الأمر بالوطن الغالي وبالمواطن الأغلى، فهما خط أحمر. وربما يتطلب منا الوضع أن نجدِّدَ عهدَ ولائِنا ومحبتِنا وإخلاصنا لكي نفرّح قلب جلالته على الدوام بوفائنا وعدم تقصيرنا بالواجبات الموكوله إلينا في شتى المواقع والميادين.