كتب الدكتور عمر الخزاعله دكتور اللغه العربيه جامعة آل البيت
من وحي الفتنة ."عصا الحَسَن" : اضربْ بها تستقِمْ .
في خِضمِّ الفتنة ، وإنْ اختلفتْ في مقدارِها بالنسبةِ إلى من كانتْ صدمةً تضرُّ الخيّرين أو كانتْ فرصةً تسرُّ العُهَّرين ، تسلسَلَ مشهدُ العطفِ الهاشميّ الأبويّ ، ومشهدُ الحزمِ من الإرثِ النبويّ ، فسلالةُ آلِ البيتِ لا ينكرُ أهلَهَا إلا جاحدٌ ولا فضلَهَا إلا حاسدٌ ، تتكئُ على الشرعيةِ السماويةِ في رسالةِ محمدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ، آلِ السقايةِ والرفادة ، وعلى الشرعيةِ التاريخيةِ وهمْ آلُ القيادةِ والسيادة .
إن قَدَرَ بني هاشمٍ قائمٌ طولَ الزمن على مواجهةِ الأزماتِ ومجابهةِ المحن .. كان قَدَرُهُمْ القبضَ على الجمرِ و وَأْدَ الفِتَن .. فهذا عبدُ المطّلبِ قد اُمْتُحِنَ في الكعبةِ من أبرهةَ الأشرم ، فأنْجاها اللهُ بحجارةِ سجِّيلٍ والبيتَ الذي بربِّه سَلِم .. وهذهِ الطائفُ كفّتْ محمدا وأدمَتْهُ .. وهذهِ قريشٌ أهلُهُ ومَنَعَتُهُ .. قد حاصرَتْهُ ومنَعَتْهُ وجوّعتْهُ .. والحديبيةُ إلى المدينةِ ردَّتْهُ .. فأنْجاهُ اللهُ بالفتحِ والنصر ولدعوتِهِ في الآفاقِ بالنَّشْر .
وانبرَتِ الفتنةُ من منامِها قد أيقظَتْهَا (شِلّةٌ) من الخَوَنَةِ المُعِقّة .. و ثلّة من أبواقِ الشَّرَرَةِ المُرْتزقة .. للطعنِ في نظامِ الحُكْمِ والقدْحِ في سادةِ الأمَم .. والذَّمِّ في عرشٍ بكلِّ الكونِ يُحْتَرَم .. انبرَتِ الفتنةُ بينَ الأخِ وأخيه .. والأبِ وبَنِيه .. وبينَ الزوجِ وأهلِ بيتِهِ وصحْبِه .. وبينَ الملكِ وشعْبِه .
فكانَ لا بدَّ من الحسْمَ والحزْم .. فأومأ عبدُ الله إلى العمِّ الحَكَم .. إذ لا شرَّ فيهِ ولا ظُلْم .. فكانتْ "عصا الحَسَن" تلقفُ كلَّ أفعى برأسِهَا سمّ .. فانفلَقَ لها بحرُ الفتنِ واتكأ عليها كلُّ راشدٍ : عنوانُ رأفةِ الحُكْمِ و منبعُ الحِكَم .. هشَّ بها على تلكَ الثعالبِ الماكرة .. والغرابيبِ السودِ الناظِرة .
تلك العصا حملتْ روحَ القيادةِ والإمامةِ لا لِكَسْرِ العَظْم .. فما دُرّةُ ابنِ الخطَّابِ إلا لتستوي الصفوفُ وتلتئِم .. اضربْ بها يا ابنَ الهواشمِ تستقِمْ .
"عصا الحَسَن" سنينَ من الحكمةِ و لمِّ الشَّمْل .. وإيثارٌ بالنفسِ لخيرِ الشعبِ والأهل .. "عصا" الحاكميَّةِ الرشيدةِ والرسالةِ الهاشميةِ التليدةِ الجديدةِ .. وَكَزَ بها المَرَدَةَ ... فوأَدَتْ فتنةً لاحتْ في الأفقِ من السَّاعينَ على قنواتِ البؤسِ الشَّرَرَة .. للنيلِ منْ آلِ بيتِ رسولِ اللهِ الطُّهْرِ البَرَرَة ... فإنَّ لعنةَ اللهِ على كلِّ فزّاعٍ للشرِّ يوقِدُ الفتنةَ ومنْ نافَ عليهِ و طَوّرَه .
"عصا الحسن" ، اضربْ بها تستقم ْ .. سلمتْ يداهُ و سَلِم .