سيدي الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظك الله، وأيدك بالصحبة والبطانة الصالحة الناصحة، الذين يعينوك على الحق والخير، وإن غفلت يذكرونك.
كتبت كثيرا، فلا مجيب، وقد قال لك غيري سابقا.. أن الوضع غير مريح، بل قالت إحداهن في حضرتك.. أن الوطن ليس بخير ،وهو حال باقي يتكرر ، ليس تنكرا للخير، بل لندرته وشحه، وندرة من يصنعونه أو يزرعونه او يسعون اليه.
منذ سنوات ونحن نسمع عن الخروج من عنق الزجاجة.. من خلال الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي السياسي، ولكننا لم نخرج وبتنا نختنق فلم نلمس شيئا على أرض الواقع، فيزداد الفقر ونسمع عن بؤر تتجدد ، وترتفع نسب البطالة وتقفز أعداد الفقراء، ويرتفع الدين العام، ويتكرر عجز الموازنة!
سيدي لست سلبيا، ولا أحب ذلك ولا أحب أن أكون كذلك، فقد أمرنا نقلا بالإيجابية، بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، ومن قال.. هلك الناس فهو أهلكهم.
كما أمرنا بالمناصحة والمكاشفة، فالدين النصيحة.
والناصح أمين. ولذا اقول.
سيدي الملك.. رعاك الله وحفظك.. في علم الطب، فإن استعمال المسكنات لها ضروراتها كما لها محضوراتها واضرارها، فالجراح والدمامل والأورام، قد يعطى المصاب بها او بأي منها،بشكل آني بعض المسكنات للتلطيف والتخفيف من الألم، ولكن تكرارها، قد يضاعف الداء، ويسبب انتكاسة ونزف دموي، والواجب أن تخضع الجروح والقروح والدمامل والأورام، للمعالجة والتشخيص الفوري، وأكثر ما يكون هو قطب الجروح، وتنظيف القروح والدمامل ومعالجة الأورام والتغيير والمتابعة.
سيدي الملك.. منذ سنوات ونحن نسير مكاننا، كما في العرف العسكري '' خطوة تنظيم ''، وحالنا يسير من سيئ إلى أسوأ، وفي ظل جائحة كورونا، التي نعترف بأنها جائحة عالمية، وتأثرنا بها كغيرنا، ولكن البعض استغل الجائحة، وجعل منها شماعة ليعلق عليها فشله وتراخيه، فما كانت الكوارث والفواجع والجوائح، إلا محطات للعبر والعظة وتعلم الدروس، كي يتم تلافيها مستقبلا، أو تخفيف شدتها إن عادت.
نجحنا في مواجهة الوباء بداية، ثم انتكسنا، فما هي اسباب الانتكاسة، ومن تسبب بها، وأين المحاسبة والقصاص؟
اعلنت الحكومة السابقة عن برنامج للتشغيل الوطني فما الذي تحقق؟
ثم أعلنا عن حزم للتحفيز، وأكثرنا البرامج المساندة، ولا ادري يا سيدي، ماذا تستفيد أسرة من صرف دفعة من رصيد الدفعة الواحدة، ولمرة واحدة على مدى عامين؟
وهل حزم المساندة والتحفيز، هي لأهل الوطن كله، أم هي لفئات دون أخرى؟
إذ أرى وغيري.. رفاهية وقمرا وربيع فقط للذوات، توريث للمناصب، وزيادة للمكاسب، ووظائف تفصل على المقاس لبعض الفئات،هل تعليم جلالة الملك أنه تعاقب على وزارة واحدة أصهار إثنين، في وضح النهار، فيما كان والد زوجاتهم وزيرا في الحكومة، وقال انه عاد لتحسين راتبه التقاعدي!
كل ذلك قد يحتمل وعلى رأي أهلنا ولهجتنا قد '' ينجمط''، ولكن الذي لا '' ينجمط''، ولا ينبلع- ولا يقبل، أن تتراجع إدارتنا وتعليمنا وصحتنا بعد أن كنا في الصدارة.
ولا يقبل بأي حال من الأحوال، أو تحت أي ضرف من الضروف، ان تتراجع سياستنا الخارجية، تجلى ذلك مؤخرا خلال العدوان على غزة مؤخرا ، فمسيرات شعبية على الحدود، وإعتصامات قرب سفارة عصابة سلطة الاحتلال ، ومطالبات تتكرر بطرد السفير وسحب سفيرنا، والغاء معاهدة السلام ولا مجيب!
وكم هو معيب أن يوقع ''130'' نائبا على مذكرة تطالب بنفس المطالب الشعبية، لطرد السفير، وحتى اللحظة تنظرها الحكومة بحجة التقييم والنظر في مصلحتنا الوطنية!
وأسال.. ما حاجتنا للمجلس النيابي، إذا كان'' 130'' نائبا يوقعون على مذكرة لطرد سفير الاحتلال، ولا يستجاب لهم؟
فهل هذا تجذير للثقة بالمؤسسات وادوارها أم تنفير؟
وأين هي مصلحتنا الوطنية في بقاء سفير الكيان المحتل في بلادنا، وجيش بلاده المجرم كان يقصف المساكن على أهلها في غزة، ويعتدي ويكرر الاعتداء على المصلين في الحرم القدسي والتي كان آخرها يوم الجمعة، وبعد الهدنة ووقف العدوان؟
ومن يقبل أن يرى ويشاهد ابناء القردة والخنازير، وهم يدنسون المسجد الاقصى، ويطلقون قنابل الغاز والصوت في داخله، ويسحلون النساء، ويذلون الاشقاء، ويقتلون الاطفال؟
من منا يقبل ذلك لأمه ولابناءه وبناته؟
منذ متى كان الاردنيين يقبلون الدنية والجور والذل على الجار، او الاشقاء حتى وإن تنكروا؟
ومن الذي يسعى ليصورنا ويظهرنا بهذا المظهر المخزي والمشين؟
والسؤال المهم ايضا.. هل الموقف الرسمي بعدم الاستجابة للمطلب البرلماني والشعبي بطرد سفير عصابة الاحتلال، هو السبب في تنكر الاشقاء والاصدقاء لدورنا، وأين رد وتوضيح الخارجية ووزيرها؟
والسؤال يا مولاي.. ما هي الفوائد التي تحققت لنا سياسيا واقتصاديا وأمنيا، بعد توقيع اتفاقية السلام المشؤومة، ومنذ أكثر من ثلاثين عاما، مع الكيان المحتل؟
سيدي الملك.. ومشهد آخر مشين ومهين، وبعد مئة عام على عمر الدولة،نعاني من شح في مياه الشرب، يقال... بسبب ضعف الموسم المطري، ونتوسل للصهاينة أن نشتري منهم حقنا المشروع وبأموالنا!
فأين هي البدائل والخطط، واين حفظ مصادر المياه،وإلى متى سنبقى نعتمد على الصهاينة في أمننا المائي؟
وأين أمن المياه وحفظ مصادرها، ومع الأسف كتبت سابقا، ولا زلت وحتى هذه اللحظة أرى بأم عيني، بعض مصادر المياه تلوث عمدا.. بالمياه العادمة'' مياه الصرف الغير صحي - مياة مجاري ''، أعزك الله سيدي.
ومشهد آخر من مشاهد الضعف، تكرر بالأمس الجمعة فتنقطع الكهرباء، ومعها تتوقف معظم اشكال الحياة، توقف لضخ المياه، وتوقف لشبكة الانترنت، وغياب مسؤولين معينين ومعنيين، وتراشق في بيان الاسباب، تارة يقال بأن ما حدث هو نتيجة عطل من المصدر.. في الخط الناقل من مصر، وتارة اقرأ عن علاقة لشركة العطارات، وتارة عن يد خبيثة للصهاينة.
وتنفي مصر وشركة العطارات ذلك، وتقول شركة الكهرباء، ولا أدري أي منها لكثرتها وتعددها، المهم، أن شركة الكهرباء أخيرا استقر رأيها على أن ما حصل يحتاج إلى رأي تقني وهندسي، يا الله السلامة، وأعتقد أن تشكل لجنة، أو ربما لجنة تحقيق، لتلحق باللجان التي سبقت!
وأسال يا سيدي كأي مواطن.. أين خطط الطوارئ في شأن الطاقة الكهربائية، واين هي خطط الوزيرة والوزارة، في تصدير الطاقة الكهربائية لدول الجوار؟
والسؤال الثاني لما غابت وزير الطاقة عن المشهد، ولم يسعفها سوى تصريح، بأن ما جرى ممكن أن يحصل في بلد آخر!
بعد إذنك يا مولاي.. أقول لمعاليها.. أن ذلك ممكن في الكوارث، ولكن للعلم غزة قصفت لأكثر من عشرة ايام متتالية ولم تنقطع الكهرباء عن بعض احياءها!
سيدي الملك.. الى متى سيوسد الأمر الى غير أهله؟
والى متى سنبقى على حالة عدم الإستقرار؟
ومن الذي يجد ويجتهد ويجاهد ليبقينا على حالة التراجع؟
سيدي الملك بعض أو جل من تأمنهم أو توسد الامر لهم، متخاذلين خذلوك ويخذلوك ويخذلوننا ويكثرون الكذب علينا.
وإن العلاج الحقيقي يا سيدي هو بتغيير النهج الذي تشكل او تعدل عليه الحكومات، من خلال نهج جديد وحقيقي، ان يوسد أمر القيادة في كل الشؤون، الى اهل الامانة والكفاءة والإقتدار، وما أكثرهم، وجلالتك تعرف الكثيرين منهم، ولا أدري لماذا يغيبون؟
سيدي سامحني إن قلت وعلى لسان الكثيرين ممن هم مثلي، فإننا لا ولن نقبل إلا بمن يمثلونا حقيقة، ولا يمثلون علينا، في الوزارة او الادارة او التعليم او الصحة او الإعلام وخاصة الرسمي منه، ولاحقا لا ولن نقبل بأي شخص أنى كان أو كان مسماه، أن يسيء لنا ولتاريخنا ولثقافتنا وعزتنا وشموخنا، فقد اهاننا بعضهم مرارا وتكرارا، ولن نسمح بالمزيد.
سيدي الملك.. كما قال لك قائد دبابة السناتور.. نحن رصاصة في مسدسك، أقول كل احرار الاردن وشرفاءها سيف صلد في يمينك، وحزام عز حول معصمك، ونار حمراء على من يحاول أن يذلنا، ورصاص لا عداد له في بندقيتك، وسنبقى ما حيينا، فمن هذا '' المراح ما في رواح''، ولن نقبل بديلا لوطننا، ولن نهاجر كما كان ينوي قتيبة، بل سنبقى ونبقى معك للأبد، '' ولهم بالمرصاد''.