بقلم العقيد الركن المتقاعد الدكتور ضامن عقله الإبراهيم
القياده الحكيمه والمحنكه على كافه المستويات ابتداءا من رأس الدوله الى رؤساء الوزارات الى الوزراء والى المدراء العامين ورؤساء الدوائر ورؤساء الشعب في كل اجهزه اي دوله سواء القطاع العام او الجيش او الاجهزه الامنيه او القطاع الخاص قال رسولنا الكريم (كلكم راعي وكلكم مسئولا عن رعيته.....الخ)فعل كل قائد وحسب موقعه ان يستمع لمستشاريه ويتلقى منهم النصح الامين والصادق ويستمع لكل الاراء بمختلف توجهاتها حتى وان كانت لا ترضيه ومن ثم يتخذ القرار المناسب بعد تفحص وتمعن كافه الاراء وبما يخدم المصلحه العليا حتى ولو كان به سلبا لبعض امتيازاته فالصالح العام اولى من الصالح الشخصي هكذا هي الحكمه والحنكه في القياده وهكذا يتحقق العدل الاجتماعي والعدل اساس الحكم القوي وهكذا يستطيع مواصله المسيره بأمان وينهض بالامه بكل الاتجاهات.
وعلى القائد ان لايستصغر اي مشوره من اي كان مهما دنى موقعه في المسئوليه لأن المرؤسين هم الادرى والاعرف بمدى احتياجات العامه من عليه القوم وهم من يعانون الامرين بكل نواحي الحياه وهم القابضون على الجمر من متاعب الحياه وثقلها فتجد الحلول الناجعه لديهم اكثر من غيرهم .
وعلى كل مواطن واي مروؤس ان يقدم النصيحه الامينه والصادقه لرئيسه ولا يخشى بقول الحق لومه لائم فقول الحقيقه مر ولا يعجب كثيرا من المسئولين الفاسدين لأن همهم مصالحهم الشخصيه البحته.
والقائد والمسئول عندما يقود الرجال الرجال الامناء الصادقين الاقوياء يستطيع النهوض بالامه وايصالها الى بر الامان بمساعده الرجال الرجال.
واما القائد او المسئول الضعيف والفاسد والذي يقود المسحجين والمصفقين الضعفاء الذي يحققون مكاسبهم الشخصيه دون وجهه حق وانتزاع حقوق الاخرين بالواسطه والمحسوبيه والرشوه فإنهم يقودون الامه الى الهاويه والطريق المسدود ويخلقون الازمات تلو الازمات ويرحلونها للاجيال القادمه.
فكن قائدا للرجال وليس سايسا للخراف واليكم هذه القصه انقلها لكم للعبره والموعظه ولمن اراد ان يتقي الله في عمله وقيادته..
قصة وموقف أمة عزيزة
أنا أحكم رجالا ، ولا أحكم خرافا
دخل رجل يدعى جارية بن قدامة السعدي ذات يوم على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وكان عند معاوية ثلاثة من وزراء قيصر الروم
- قال معاوية لجارية :
ألست الساعي مع علي في كل مواقفه؟
- قال جارية: دع عنك علياً، كرم الله وجهه، فما أبغضنا علياً منذ أحببناه، ولا غششناه منذ نصحناه .
- قال معاوية:
ويحك يا جارية، ما كان أهونك على أهلك إذ سموك جارية !
- قال جارية:
أهون على أهلك أنت الذين سمّوْك معاوية، وهي الكلبة التي شبقت فعوت، فاستعوت الكلاب!
- فصاح معاوية:
اسكت لا أم لك !
- قال جارية :
بل تسكت أنت يا معاوية ، لي أم ولدتني وللسيوف التي لقيناك بها، وقد أعطيناك سمعاً وطاعة على أن تحكم فينا بما أنزل الله، فإن وفيت، وفينا لك، وإن ترغب فإنا تركنا رجالاً شداداً، وأدرعاً مداداً، ما هم بتاركيك تتعسفهم أو تؤذيهم .
- صاح فيه معاوية:
لا أكثر الله من أمثالك .
- قال جارية:
يا هذا - ولم يقل أمير المؤمنين أيضاً - قل معروفاً، وراعنا، فإن شر الرعاء الحطمة .
ثم خرج جارية من المجلس غاضباً دون أن يستأذن الخليفة !
فالتفت الوزراء الثلاثة إلى معاوية، فقال أحدهم:
إن قيصرنا لا يخاطبه أحد من رعاياه إلا وهو راكع، ملصق جبهته عند قوائم عرشه، ولو علا صوت أكبر خاصته، أو ألزم قرابته، لكان عقابه التقطيع عضواً عضواً أو الحرق، فكيف بهذا الأعرابي الجلف بسلوكه الفظ، وقد جاء يتهددك، وكأن رأسه من رأسك؟
فابتسم معاوية، ثم قال:
أَنَا أَسُوسُ رِجَالاً وَلَا أَسُوسُ خِرَافاً، رِجَالاً لَا يَخَافُونَ فِي الحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وكل قومي كهذا الأعرابي، ليس فيهم واحد يسجد لغير الله، وليس فيهم واحد يسكت على ضيم، وليس لي فضل على أحد إلا بالتقوى، ولقد آذيت الرجل بلساني، فانتصف مني، وكنت أنا البادئ، والبادئ أظلم !
فبكى أكبر وزراء الروم حتى اخضلت لحيته، فسأله معاوية عن سبب بكائه، فقال:
كنا نظن أنفسنا أكفاء لكم في المنعة والقوة قبل اليوم، أما وقد رأيت في هذا المجلس ما رأيت، فإنني أصبحت أخاف أن تبسطوا سلطانكم على حاضرة ملكنا ذات يوم !
وجاء ذلك اليوم بالفعل، فقد تهاوت بيزنطية تحت ضربات الرجال، فكأنها بيت العنكبوت... فهل يعود المسلمون رِجَالاً، لَا يَخَافُونَ فِي الحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ؟