بعيدًا عن ضوضاء المدينة والازدحامات المرورية النفسية، ورائحة عوادم السيارات ، قضينا أمسية بألف ليلة ..بضع ساعات أمضيناها في بيت الشعر ..جمعتنا عمان والمحبة والفكر والكرم البدوي ، وتحت ضوء القمر ، ورائحة التراب، وهدوء النفس، والتنفس العميق والتأمل والاسترخاء الفكري والجسدي بين أحضان الصحراء ...اجتمعنا بدعوة كريمة من سعادة النائب محمد عناد الفايز ، وبحضور رمضان الرواشدة ، والنائبتين ميادة شريم وريما العموش ..والإعلامي محمد الطروانة، وناديا الروابدة ..ولارا وسهم المجالي ، وضيوف آخرين أصحاب ذوات وسيدات.
التقيت النائب الفايز في أكثر من لقاء وتناولنا أحاديث سياسية وفكرية وقضايا عامة تهم الوطن ، رأيت نفسي أمام شخصية متزنة هادئة حساسة، ولدت من رحم البادية، تحمل مشروعًا سياسيًا إصلاحيًا مختلفًا، مثقلةً بهموم الوطن والمواطن، يشبهنا كثيرا في رأيه بالشأن العام له مواقف شجاعة منها -على سبيل المثال، لا الحصر- عندما أخفقت الحكومة الرشيدة بتسليم كوبونات التموين لتوزيعها على المحتاجين من خلال النواب، حينها تنازل الفايز عن هذا الدور الذي لا يليق به، وقام بإعادة الكوبونات إلى جهة الاختصاص من خلال مكاتب التنمية الاجتماعية ..
وأينما يكون الرواشدة -عملاق الفكر والسياسة، والإعلامي المخضرم والروائي الأنيق- لا بدّ من التشابك السياسي معه والتلاقح الفكري ، وطرح الأسئلة والمناقشات وإثراء الجلسة بحوارات فكرية وآراء قيّمة، حول بعض القضايا السياسية المتعلقة بلجنة الأحزاب المكلف بها ضمن فريق اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإصلاح ، وعلى الرغم من أن الرواشدة بيت خبرة بذاته، إلا أنه مستمع جيد لأي ملاحظات او آراء قد تساهم في بناء منظمومة الإصلاح السياسي وفقًا للمصلحة الوطنية ..
وكذلك أضاءت الجلسة -كعادتها- الروابدة بخفة دمها وسرعة البديهة الموروثة من جينات والدها -دولة عبد الرؤوف- بفكرها النير ورشاقة الرد على تساؤلات الحضور كونها صاحبة خبرة وكفاءة ..
ولا يمكن أن نتجاهل مداخلات القامة الإعلامية محمد الطروانة وحكمته وخبرته وكلامه الموزون، بالوقت والزمن..
وفي دفء بيت الشعر ، ورومانسية المكان ، وبعد تناول ما لذ وطاب من الكرم البدوي الذي جمع ما بين المطبخ الصيني والإيطالي واللبناني والسوري بدءًا من الكبة والمقبلات مرورا بالمشاوي وانتهاءً بالزرب والمناسف ، أكرمنا المعزب الحشم بالحلويات الشرقية والبدوية ما بين اللزاقيات ، والمهلبية والبكيلة ، والكنافة النابلسية بالسمن البلدي ..
ومسك الختام كان للجلسة الحوارية الثنائية التي جمعتني مع النائب ميادة شريم وهي السيدة القريبة لقلبي حيث كان اللقاء حميميًا بيني وبينها ، جرى حديث معها بمنتهى الشفافية حول العديد من القضايا والتشريعات والتحديات والتطلعات المستقبلية بشأن المرأة الأردنية في ظل هذه الظروف الصعبة، وأبدت الاستعداد بأن يكون هناك لقاءات متكررة مستقبلًا لإثراء الحوارات الثقافية .
ولا يسعني في النهاية إلا أن أتقدم بالشكر والعرفان لسعادة النائب الموقر محمد عناد الفايز وشقيقه فواز على حسن الاستقبال والكرم البدوي والأمسية الثقافية الفكرية بامتياز ..لقد حلقتم بنا إلى عنان السماء..
وأثني على أغنية دلال الشمالي " لهجر قصرك وأرجع بيت الشعر"..
حمى الله الوطن وقائده .. على الخير والفكر والمحبة نلتقي دوماً.