من ذاكرتي كقائد للمستشفى العسكري الأردني غزه /21 اثناء الحرب الإسرائيليه على غزه في العام 2012.
في يوم من الأيام تم إخباري أن هنالك إشكال على باب المستشفى من قبل أحد المراجعين وهو معاق حركيا وكبيرا في السن جاء على كرسي متحرك للعلاج , وكان الكرسي قديم تالف غير صالح للحركة واجلسوه على كرسي جديد للمستشفى ولما أنهى علاجه لم يقبل ترك الكرسي الجديد والعوده لكرسيه , و حاول الاحتفاظ به , وبصعوبه تمكن مرافقوه بمساعدة الشرطه المحليه التي تتولى حراسه المستشفى إقناعه ان هذا الكرسي عهده مستشفي ولايستطيعوا تبديله فاستسلم للواقع وعاد لكرسيه القديم .
في تلك اللحظات اصطحبت مدير المستشفى , وخرجنا لحل الإشكال واتخذنا قرارا قبل ان نصل إليه ان نعطيه الكرسي لأن سبب وجودنا في الأصل هو خدمه أهلنا في قطاع غزه وخاصه أمثال هذا المريض بكل امكانياتنا المتاحه .
و بما أن النيه انعقدت على إعطائه الكرسي فقد بحثنا بين الحضور عن من يعرف المريض ويدلنا على منزله وساعدنا في ذلك ضابط الارتباط المحلي الملحق بالمستشفى , فقررنا على الفور زيارته لاهدائه كرسي جديد من كراسي احتياط المستشفى.
ذهبنا إلى بيته المتواضع والذي كان في منطقة زراعية عباره عن بيارات , ولم يتمكن الشيخ من الخروج الينا , فدخلنا إليه لنجده كبير السن نحيل الجسم وبالكاد يقوى على الكلام وكان من معه في البيت يخشى أننا قدمنا لنعاتبه على ماكان منه .
سلمنا عليه , وحملنا الكرسي الجديد اليه وكانت فرحه لاتوصف عندما أخبرناه انه هدية من المستشفى الأردني وهدية من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين فأجهش بالبكاء , ورفع يديه بالدعاء له ولطواقم المستشفى والأردن وقواتها المسلحه , وشاهدت على الجدار صوره قديمه له عندما كان في عنفوان شبابه , ممتلئ الجسم , أنيق اللباس , ذو شخصية قويه , فحمدت الله على الصحة .
لم يطل الامر دقائق حتى تجمع أهالي منطقته متسائلون ماذا تفعل سيارات المستشفى العسكري هنا, ومن هم زوار جارهم الطيب ,وبالكاد تمكنا من المغادره وقد أصر علينا الجميع ان نبقى ليقدموا لنا واجب الضيافه
كانت فرحتنا وسرورنا غامره بالزياره , وكانت تلك الزياره دافعا آخر لزملائي الطواقم الطبيه لبذل مزيدا من الجهد والتعاطف لدعم صمود اشقائنا في فلسطين وفي القطاع ولله الحمد من قبل ومن بعد .