أبدأ بما أُصطلِح عليه تذيِّلاً للكلام ، حتى يقرأ القاريء و يعرف مُقدماً القصد من وراء كلامي فلا تتفتّق أفكار بعضهم بما هو غير مقصود …
بكل معاني المواطنة الحقيقية و نظراً لما يشهده الفضاء الأردني مؤخراً من تجاذبات حول الإصلاح و قانون الإنتخابات و ما يكتبه بعض المقسومين وجوداً و تمثيلاً بين ضفتي نهر الاردن المقدس …فانني أقول
- أولاً : هذا الوطن الذي لا يعرف منذ بدء تكوينه إلا لغة التأهيل و الترحيب … جئت أهلاً و وطئت سهلاً ، و القادمون من كل بقاع الدنيا يألفونه و يعتادون عليه و يُصبحوا جميعاً نسيجاً وطنياً راقياً متنوعاً فكان التنوع الايجابي سمة لهذا الوطن العروبيّ
فالتعدد في الطوائف و الاقليات
تكون احياناً سبباً للفرقة و التجزئة و لكن هذا التنوع الاردني - الفسيفسائي الجميل - هو التنوع و التعدد الايجابي الثري و الرائع ، فهذا الوطن لا يستحق العقوق و عدم العرفان بالجميل لذلك فانني أستغرب من الفئة القليلة التي تملأهم مشاعر التخريب و حب الإستقواء على الوطن فيحجون للسفارات الأجنبية يقدسونها و يتبركون بها و هم يعلمون ان هذه السفارات هي الظل الحقيقي لسفارة بني صهيون و لكن الغيّ أعماهم و أصمهم و الأنانية و حب خرق سفينة الوطن بتعمد منتحلين صفة تمثيل فئة من الشعب الأردني دونما توكيل من أحد ..و هم يعتقدون واهمين انهم يحتكروا نبض الشارع ..لذلك أصبح في عُرفهم ان المنحاز للاردن و لضميره محط إتهام بنظرهم ..لذلك وجب على جميع المخلصين من ابناء هذا الشعب .. نقابات .. احزاب .. و قبل كل ذلك البسطاء الذين لا يجف عرقهم ابداً لأنهم يعملون بجدٍ و بدون صوت عالٍ أن يقفوا جميعاً في وجه الطامعين الطامحين .
و لأننا نحن ابناء هذا الوطن من شتى الاصول و المنابت نحافظ على تماسك الجبهة الداخلية و ندعم حقوق الشعب الفلسطيني و خاصة حق العودة و هو ما يجب ان يكون أهم العناوين في صراعنا مع المشروع الصهيوني لذلك فاننا نرى ان قانون الانتخاب المنتظر يجب ان يُراعي هذه القضايا بعدالة و تفهّم
- ثانيا : موقف الحكومة المتناقض حول ملف اللاجئين و هنا يبرز السؤال البريء .. ما مدى تنسيق حكومتنا مع السلطة الفلسطينية في ملف اللاجئين ؟ و لماذا لا يكون هناك حواراً صريحاً مع السلطة الفلسطينية و حوار اخر داخلي يشترك فيه جميع الاردنيين و تتوضح المناطق الرمادية في موضوع الهوية الاردنية و ملف اللاجئين
و هنا حتى لا أتيح لبعضهم التنظير والتنطّع
فاننا قبل عدة اعوام عملنا مؤتمراً وطنياً كبيراً شاركت فيه معظم الفعاليات السياسية حول نفس الموضوع و رفعنا توصيات ذلك المؤتمر لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين .. و أظننا قد وضعنا حينئذ اليد على العلة ِ و الجرح
- ثالثاً : إن موقف بعض النُخب السياسية الاردنية من ملف اللاجئين معيبٌ للغاية فهو من جهةٍ غير مُبرر مطلقاً و من جهةٍ اخرى يتوافق مع اجندات صهيونية محضة .. لهذا كله فانني أُطالب بعمل مؤتمر عام يجري فيه حوار وطني جامع يتكلم و بكل صراحة جميع الاردنيين في هذه المواضيع الحساسة و التي بقيت زمناً طويلاً يتحدث عنها الجميع و لكن بالخفاء ، و هكذا لا يعود هناك دور مهم لبعض النخب السياسية المتهافتة و الآيلة للسقوط و التي تقتات على فتات موائد السفراء .
فانني و باختصار ادعو الى تعزيز الهوية الاردنية الجامعة بهدف بناء وطن قوي و متماسك و ترسيخ مبدأ المساواة بين ابنائه و فئاته بعيداً عن التقوقع الاقليمي المقيت او التفريط الجائر و في منأى عن المزايدة و الإستقواء
و أخيراً اتمنى أن يعي ابناء الامة العربية ان حق العودة هو معركتنا الحقيقية مع الصهاينة و هذا يحتاج الى تضحياتٍ جسام و ليس الى زيارات تقديسية للسفارات الاجنبية و ان عدو حق العودة هو التوطين و تبديل الهوية طلباً لمغنمٍ زائل