زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله تعالى لواشنطن لها دلالاتها الرمزية المهمة والعميقة في هذا الوقت والحقبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط برمّتها؛ فالملفات الجسام الجيوسياسية والإقليمية والإقتصادية والمحلية جلها ملفات ثقيلة وخصوصاً أنها تأتي في ظل إدارة إمريكية جديدة برئاسة بايدن الصديق المقرّب لجلالته؛ الإدارة التي كانت قد تحولت من الجمهوريين للديمقراطيين في ظل محاولات للرئيس الأمريكي السابق ترامب لتمرير صفقة القرن والتي كان الملك عبدالله اللاعب الرئيس في بطلانها في موقف قومي ووطني يسجّله التاريخ ولا ينكره إلا جاحد؛ ولهذا فإن المنطقة برمتها قادة وشعوب تعوّل على هذه الزيارة التاريخية وخصوصاً أنها تأتي لأول زعيم عربي في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة وفي ظل التحولات التي حصلت بشأن القضية الفلسطينية والملفات الأقليمية الهامة:
١. تأتي الزيارة الملكية لواشنطن في ظل وأعقاب تطورات مهمة شهدها العالم حيث تغيّر الإدارة الأمريكية وتغيّر رئيس وزراء إسرائيل وإجهاض صفقة القرن والتطورات في ملفات الأزمة السورية والملف العراقي وطي ملف قضية الفتنة ودعم الإدارة الأمريكية لجلالة الملك وجهوده وتطلعاته والأردن كحليف إستراتيجي وفي ظل أوضاع إقتصادية متهالكة وتداعيات جائحة كورونا.
٢. لقاء الملك مع الرئيس الأمريكي وبمشاركة وحضور سمو ولي العهد الأمير الحسين ورفقة جلالة الملكة وكأول لقاء لزعيم عربي مع بايدن منذ إنتخابه حتماً يُؤشّر إلى إستعادة جلالته والأردن لبريقهما الدبلوماسي وأهمية اللقاء وأهمية الملفات التي يحملها وبروز دور جلالة الملك كقائد يحمل ملفات جيوسياسية مهمة وواجهة للأمة العربية وقادة إقليم الشرق الأوسط وتعزيز للوصاية الهاشمية على المقدسات وعودة مباحثات حل الدولتين للواجهة وعلى الطاولة.
٣. تنوّع فعاليات وتحركات جلالته لتشمل لقاء القمة المرتقب في مركز صنع القرار الدولي وإجتماعات قيادات الكونغرس ولجانه المختلفة ومجلس النواب ولجانه ومركز البحوث والأنشطة الدبلوماسية الأخرى وقبلها في صن فالي ولقاءات بعض المستثمرين لخلق فرص عمل خدمة لشباب الوطن وغيرها من اللقاءات تؤشّر لزخم وحجم العمل والمسؤولية الكبيرة والنتائج التي يعوّل عليه الكثير من الدول والقادة والشعوب في إقليم ملتهب وفي زمن صعب.
٤. الأنشطة الدبلوماسية لجلالته قبيل القمة والمتمثلة في لقاء الرئيس الفلسطيني ومشاركته في القمة الثلاثية الأردنية المصرية العراقية والتحركات الدبلوماسية الأخرى تؤشّر إلى عودة ألق الدور الأردني ودور جلالته كقائد يحمل هموم الأمة والقضية الفلسطينية تحديداً على سبيل التحرك من جديد صوب حل الدولتين وتحقيق شيء ملموس على الأرض للفلسطينيين ودرء خطر العبث بالأمن الإقليمي.
٥. الأردن كحليف رئيس للولايات المتحدة يسعى بكل طاقته ومن خلال جلالته للحصول على تعظيم الدعم والمساعدات للمساهمة في إنتعاش الإقتصاد الذي عانى الكثير وإنعكس على المواطنين الذين بات جلّ أبناءهم عاطلين عن العمل بالرغم من أن جلّ إستثماراتهم كانت بتعليمهم والتطلع لمستقبل مشرق وتفاؤل جم من خلالهم وتشغيلهم لغايات الخروج من عنق الزجاجة؛ فواشنطن هي الداعم الرئيس للمساعدات ومؤمل أن تدعم الأردن بأكثر من المليار والنصف دولاراً السنوي الذي إعتادت عليه مشكورة.
٦. الزيارة الملكية تأتي بعد تغير السياسة الأمريكية حال تولي الرئيس بايدن وإلتزامه التقليدي بحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية القضية المركزية الأولى؛ بعد أن عارض جلالة الملك بشدة المحاولات البائسة للإدارة السابقة بشأن صفقة القرن؛ حيث شكّلت وقتئذ تهديداً صارخاً للأمن القومي ومحاولات بائسة لتقويض الوصاية الهاشمية على المقدسات.
٧. تقارير صحفية تتحدث بأن جلالة الملك يحمل ملف الأزمة السورية وعرض وساطة أردنية بين الإدارة الأمريكية ودمشق؛ ما يؤشّر بأن جلالته يتصدر الواجهة العربية وملفاتها الجسام ويسعى جاهداً بأن يكون إقليم الشرق الأوسط ينعم بالأمن والاستقرار بعد حقبة مليئة بالويلات والحروب والدمار؛ في ظل العلاقات الجيدة التي تربط الأردن بالفرقاء المحليين والإقليميين والدوليين في هذه الساحة، وفي ظل ملفات عربية أخرى متشابكة ومتقاطعة؛ ونتطلّع في هذا الشأن بحل للأزمة السورية وعودتها للجامعة العربية ولتنعم سوريا الشقيقة وشعبها بالأمن والاستقرار وتساهم بدورها الإقليمي المعهود.
٨. دعم الإدارة الأمريكية للأردن قيادة وشعباً جلّ مهم في هذه الفترة من الزمان وتأكيد العلاقات الإستراتيجية وتوثيق الروابط المتينة؛ حيث الأردن حليف إستراتيجي مهم للإدارة الأمريكية ولاعب رئيس يأتي في مقدمة النتائج المهمة للزيارة؛ فصداقة جلالته والرئيس الأمريكي ظهرت على الأرض في مواقف عدة.
بصراحة: الزيارة التاريخية لجلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد وجلالة الملكة لواشنطن جاءت في وقتها ولها دلالات رمزية مهمة وفيها ملفات إقليمية شائكة؛ ويعوّل الجميع في إقليم الشرق الأوسط عليها لبلورة شيء على الأرض بشأن ملفات القضية الفلسطينية وحل الدولتين والأزمة السورية والوضع الإقتصادي وغيرها من الملفات؛ ودبلوماسية جلالته التي إعتدنا عليها ستجعل من الأردن لاعباً رئيساً في الإقليم وستعيد ألقه الذي إعتدنا عليه.