في أحد الأيام، أعجب المصلين بكثرتهم في أحد المساجد، وكان *الإمام أحمد ابن حنبل* رحمه الله إماما لذلك المسجد، فقالوا له :
تخيل يا إمام كم عدد المصلين..؟؟
فقال الإمام : لا أحد..
ومن هول المفاجأة لجوابه، قال له أحدهم :
هل أنت أعمى..؟؟!!
وكان سؤاله هذا فيه قلة أدب، وقلة احترام..!!
لكن الإمام أحمد أجابهم :
*الأعمى هو من..* يغمض عينيه عن أرملة أوجع رأسها حمل ثقيل..
*الأعمى هو من..* توجه للقبلة ، وأدار ظهره للأيتام والفقراء والمعوزين ..!!
*الأعمى هو من..* سجد لله، وتكبر على عباده..!!
*الأعمى هو من..* كان في صف المصلين الأول في المسجد ولكنه غاب عن صفوف الجياع..
*الأعمى هو من..* تصدق يوما، وهو قادر أن يتصدق دوماً أو كل يوم..!!
*الأعمى هو من..* صام عن الطعام لأوقات، ولم يصم عن الحرام ..!!
*الأعمى هو من..* يكذب ولا يقول كلمة الحق..
*الأعمى هو من..* رفع الأذان، ولم يرفع أبويه..!!
*الأعمى هو من..* صلى وصام، ثم غش في بيعه وشرائه..!!
*الأعمى هو من..* قام بين يدي الله، وقلبه يحمل حقدا، وكرها، وبغضا، واحتقارا، لإخوانه..!!
*الأعمى هو من..* كان هناك انفصام بين عبادته وأخلاقه ومعاملاته..!!
*الأعمى هو من..* صلى وسجد وصام، وهو يظلم ويناصر الظلم ..!!
*الأعمى هو من..* صلى وصام، ويداه ملطختان بدماء الأبرياء ..!!
*الأعمى هو من..* صلى، ولم ينتفع بصلاته..!!
*الأعمى من..* أخذ من الدين بعضه، وترك بعضه..!!
*وصدق إذ يقول :* ومن كان في هذه أعمى، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا.
ولبلاغة الرد، ساد الصمت بين جميع الحضور..**
فلا يخلو أحد من نقص أو ذنب، لكن هنالك ذنوب لا تغفر لأهل الكفر والعماء، ولا نزال على هذه الحال حتى اليوم,في كثير من الأوطان..
*الأعمى في وطننا هو من..* يفعل هذا بالشعب، وهو فاقد البصر والبصيرة والضمير والإنسانية..
هو من يفقد الدواء والغذاء وحليب الأطفال ويقفل مصانع ومؤسسات الرزق، والصيدليات..
ويجعل الشباب واقفين على أبواب السفارات، وللأسف طالبي هجرة لا طلاب علم..
ويجعل الكهل والكبار والصغار يقفون بطوابير الذل على ابواب الأفران والمستشفيات ومراكز إغاثة ومحطات وقود وبرعب من الرصاص، وامام ينابيع المياه دون السؤال عن تلوثها..
حقاً يقال لا ماء ولا دواء ولا كهرباء، ولا أمن
ولا أمان ولا استقرار ولا طمأنينة ولا راحة بال..
وكإن الشعب لا يكفيه القلق على المصير والبحث عن لقمة العيش ، بل يجعلونه يعيش بتوتر دائم وبهاجس الوضع المعيشي والأمني والخوف من اسلوب التهديد والتهويل والوعيد..
اللهم..إن حاجاتنا لايكفيها إلا كرمك، وشدتنا لايزيلها إلا لطفك، وأمانينا بعيش كريم بوطننا لا يحققها إلا قدرك، فاقض حاجاتنا وحقق أمانينا لإننا نستحق الحياة بوطن الحياة والإيمان..
وسيبقى النور الإيماني والأمل بك وحدك..
اللهم.. نور بصائرنا ودروبنا، وابعد عن وطننا وشعبه واحباءه أهل الظلم والظلام والظلامية..