نتساءل كل يوم، نحن بلد يعج بالمتعلمين وحملة الشهادات والخبرات في كافة التخصصات والمجالات، ومن مختلف جامعات وبلدان العالم الغربية والشرقية والعربية والمحلية، ولدينا كفاءات وخبرات عالمية محترمة ، لكن لم ينعكس هذا على الاداء ولا على المخرجات في جميع مؤسساتنا التعليمية منها والحكومية بالذات، لأن النظام السائد رفع عديمي الكفاءة إلى الصف الأول، وتحييد المتميزين إما بالإستبعاد أو الإنسحاب من قبلهم كرد فعل على الممارسات الغبية في مؤسساتهم، وقد كتبت سابقا وعن قناعة وتجربة أن الإدارات هي السبب الرئيس لتأخرنا، فالنماذج الإدارية في وطني إما بالتنفيع أو الواسطة أو المحسوبية او صلة القربى أو تبادل المصالح أو توازنات أو استرضاء… والقائمة تطول إلا من رحم ربي، واذا اغفلنا معيار الكفاءة الإدارية والخبرة تحت معطيات التعيين السائدة ، فإنني لا افهم اغفال معايير التخصص لأي منصب إداري في مؤسسات الدولة، وهي اولى ابجديات الإدارة التي يجب ان يمتلكها أي مدير أو إداري، فالمعرفة الفنية في مجال عمل مؤسسته أولى أبجديات النجاح والتطور، لأن التخصصية مهمة جدا وهي الأساس الذي يدعم القرارات الصحيحة للمدير بما يحقق أهداف مؤسسته، وكذلك إبعاده عن تغول وتحكم من هم حوله من الموظفين المتخصصين في دائرته واصحاب الخبرة، وعدم تجييرهم القرارات باتجاهات تخدم مصالحهم لأن المدير لا يعرف الامور الفنية المتخصصة.
أتعجب من التعيينات في مؤسساتنا وكيف يتم التعيين في مناصب عليا للبعض لا بل الأغلبية مع إغفال التخصصية، نتفهم ان يتم ذلك للوزراء احيانا باعتبار الوزير منصب سياسي، مع ان الدول المتقدمة تنحو للتكنوقراط وتعين وزراء متخصصين في مجال عمل وزاراتهم، لماذ يحدث كل هذا؟ هل كتب على الحكومات المتعاقبة اجترار ذاتها؟ الأمثله والشواهد تجتاحنا كل يوم بتعيين اشخاص في مناصب بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم وخبراتهم، ولن اعطي امثله لاننا نراهم كل يوم فبالله أخبروني كيف يصح تعيين متخصص في الموسيقى مثلا لإدارة الإستثمار..!، فما دامت المناصب اعطيات للأحبة والأصدقاء والمنافقين والمسحجين للمسؤول، وشراء ذمم وتنفيعات وضغوطات وفرض من جهات مختلفة وتبادل مصالح، فعلى إداراتنا ومؤسساتنا ونجاحاتنا وتطورنا السلام… !.
وعلى الإفتراض الخاطئ، إذا اذعنا لذلك فليكن في مجالات تخصصهم وبحد أدنى من الكفاءة… ولست مع ذلك!.
القضية من الاهمية بمكان فلن ننافس ولن نتطور ولن يتقدم بلدنا من خلال إدارات ضعيفة خائفة مترددة غير مؤهلة، معيقة لكل تقدم وتطور، وليس لديها ما تضيفه لأن فاقد الشيء لا يعطيه، مع أن ملك البلاد ينبه لذلك دائما وعلى مسامع الجميع…ولكن في غياب المحاسبة تسود عقلية المزرعة..!، الإداري غير المتخصص الذي لا يمتلك ادوات ادارته ومؤسسته سيكون بالضرورة ضعيف متردد معطل للاعمال وليس ميسرا لها، تعوزه الثقة بالنفس او ينحو نحو العنجهية والتعالي على مرؤوسته لا بل التنمر وصنع المكائد وإطفاء أي شعلة تميز، ليغطي عقدة النقص عنده، ويظهر ذلك من خلال إبعاد المتميزين والتخلص منهم بشتى الطرق القذرة، وتقريب الضعفاء المنبطحين (البصيمه)، لكي لا ينكشف ضعفه، وبالتالي ينعكس كل ذلك سلبا على الأداء والمخرجات.
لسنا من هواة جلد الذات، ولسنا من هواة نشر الغسيل الوسخ، ولا يزايد علينا احد بحب بلدنا، فلأننا نحبه نكتب وجعه وننقد ونقترح وندفع ثمن ذلك..!، لأن الرئيس الضعيف الكاذب التائه الذي يمارس نقصه وأمراضه النفسية على العاملين بمؤسسته، لا يحتمل النقد البناء، ويرتجف ويتوسط ويقبل الأيادي، ليبقى متشبثا بكرسي أو منصب يشعر بقرارة نفسه أن المنصب أكبر منه..! ولعل وعسى ان يجير الله لبلدنا خطة إصلاح راسخة وإدارات كفؤة تؤمن بالرجل المناسب في المكان المناسب وتضع مصلحة الوطن العليا فوق كل إعتبار، علنا نتقدم خطوة للأمام… حمى الله الاردن.