أتشرف بأنني سوف أقدّم ورقة في الموتمر الدولي والذي تنظمه الجامعة الهاشمية بتاريخ 5-7 تشرين الثاني 2021 حول صورة الأردن في العالم في مائة عام إحتفاء بمئوية الدولة الأردنية وذلك بعنوان " صورة العيش المشترك في الأردن". فمن الصور الثلاث عشرة كمحاور لهذا المؤتمر الهام يأتي عنوان هذه الورقة التي تُبرز الصورة المشرقة عن واقع الحال في الأردن بما يخص الحالة الفريدة والمتفرّدة التي يتميّز بها الأردن في الوئام الديني والعيش المشترك، والتي أفضل ما توصف بأنها "حياة مشتركة" طبيعية نشأت بين أبناء هذا الوطن في القرى والمدن والريف والمخيمات والبادية، والتي تعززت بفعل قيادة هاشمية مباركة آمنت بمبادئ الثورة العربية الكبرى منذ البداية، ورسَّخَتْ مفهومَ المواطنةِ كأساسٍ للتعاملِ بينَ كلِّ الأردنيين من شَتى المنابت والأصول ومهما اختلفت ديانتهم أو عقيدتهم.
وهذا ما حذى بالأردن أن يُقدم نموذجاً عصرياً للدولة الإسلامية الحديثة التي تقوم على مبدأ التعددية الدينية واحترام الأديان وغناها وكنوزها وإثرائها للمشهد العام والمساهمة الفاعلة من جميع أبنائها في بناء الدولة الأردنية التي تحتاج إلى تضافرِ وتعاونِ كلِّ أبنائها واستثمار خبراتهم، مع الإحتفاظ بخصوصية كلِّ مكوِّنٍ من مكوناتها، عرقيةً كانت أم أثنيةً أم دينيةً لتَصبَّ في بناء هُوية واحدة جامعة هي الهُوية الوطنية الأردنية التي تَجمعُ جميعِ المواطنين في إطار الدولة المدنية وسيادة القانون. "فالدين لله والوطن للجميع" هو المنهج الذي اتبعَهُ آل هاشم الأطهار منذ جدهم الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه الذي آمن بمبادئ الثورة العربية الكبرى من حرية ومساواة وعدالة اجتماعية، وعليها بُنيت الدولة الأردنية، وترسَّخَتْ بفعل دستورها الذي يساوي بين جميع الأردنيون أمام القانون وفي القانون مهما اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. فشكَّلَت بذلكَ الحالةُ الأردنيةُ نموذجاً يُعتّد به، وحالٌ يمكن الإستفادة منه اقليمياً وعالمياً في العلاقات الإسلامية المسيحية السليمة كما يجب عليه أن تكون في حوار الحياة الطويل إن كان في البيت أوالشارع أوالمتجر أوالمدرسة أوالجامعة أو في كافة أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والطبية والقضائية والتشريعية والتنفيذية.
الورقة تحتوي على مقدمة، ثم الحديث عن فلسفة الدولة الأردنية التي شكلت قاعدة للعيش المشترك والوئام الديني، ثم معززات صورة العيش المشترك هذه في الربع الأخير من عمر الدولة الأردنية، ثم واقعية صورة العيش المشترك في الأردن بأمثلة ونماذج متعددة، وثم خلاصة للورقة البحثية.
الورقة حقيقة تعكسُ صورةَ "الحياةِ المشتركة" في المجتمع الأردني، والتي تتطلب أنْ يتمَّ القاءِ الضوء عليها محلياً وعالميا، وتعزيزها من خلالِ وسائلِ الإعلام ومناهج التربية والتعليم والخطاب الديني.