لما تحمله الامم المتحدة من معان قيمية تقوم على سيادة القانون الدولي والالتزام بالميثاق الاممي في حفظ الامن الدولي والاستقرار العالمي، ولما تحرص عليه مبادئها فى الحفاظ على الحق الانساني بالامن والحرية، فلقد حرص الاردن دائما ليكون حاضرا بالاجتماع السنوي للجمعية العمومية، ليؤكد على قيم المشاركة والتشاركية في الحفاظ على السلم الدولي والسلام العالمي، ومن اجل ارساء قواعد عمل للتنمية والنماء، بما يعلي من حركة التجارة البينية والتبادل المعرفي بين الشعوب على قواعد تقوم على صيانة الانسان واعمار الارض.
ولما يحمله اجتماع الجمعية العمومية من رمزية انعقاد وجاهية تاتي بعد فترة انقطاع فرضتها اجواء الوباء، فلقد حرص جلالة الملك ليكون من اول الحاضرين للامم المتحدة، كونه من اقدم زعماء العالم، فلقد جاء لقاء جلالة الملك مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرس مبشرا بانهاء حالة الاحتراز والبدء بمرحلة التعافي، للدفع بعجلة الاقتصاد بما يحفظ للبشرية ظروف العيش الآمن وسط مناخات استثنائية تمر على البشرية كان الامين غوتيرس قد نبه اليها محذرا من ان العالم يتجه نحو حالة جديدة غير طبيعية اكثر فوضوية واقل امنا واكثر خطورة؛ الامر الذي بحاجة الى تعزيز منظومة الشراكة من اجل مستقبل آمن.
ولقد اكد جلالة الملك اثناء اللقاء على ضرورة تكثيف الجهود، لاطلاق مفاوضات جدية فلسطينية اسرائيلية تنهي الصراع التاريخي فى المنطقة؛ لما لهذا العامل من اهمية في ارساء قواعد سلمية وبناء علاقات وثيقة طبيعية وتنموية بين مجتمعات المنطقة، على ان ياتي ذلك وفق قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات ذات الصلة، حتى يتم استثمار السياسة الراشدة للادارة الامريكية المنسجمة مع القانون الدولي وحل الدولتين والتي كان قد بينها الرئيس الامريكي جو بايدن لانهاء اخر احتلال استعماري فى العالم، وكما شدد جلالة الملك على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه مسأله اللاجئين الفلسطينيين والدول المستضيفة لهم، بما يحقق ضرورات العيش الآمن المستقر، وتمكين وكالة الغوث من الاستمرار باعمالها والقيام بدورها؛ لما لهذا العامل من اهمية معيشية واقتصادية وانعكاساتها على الامن المجتمعي.
وعلى صعيد متصل دعا جلالة الملك الى ضرورة ايجاد نهج تنموي دولي للتصدي لتبعات ازمة اللاجئين، والاردن ما زال يقوم بدوره نيابة عن الاسرة الدولية، بتقديم الخدمات التعليمية والصحية وحتى المطاعيم الصحية، مبينا جلالته ضرورة دعم الخطة الاردنية للاستجابة. جاء ذلك فى لقاء جمع جلالة الملك مع المدير التنفيذي للجنة الانقاذ الدولية ديفيد ميليباند والذي تناول مسأله اللاجئين السوريين، لاسيما وان الاردن ما زال يتحمل أثار تداعياتها وذلك بضرورة ايجاد الدعم اللازم للحد من اثارها، وذلك بانتهاج اسلوب جديد مبني على التنمية لتحقيق اغراض الادامة.
جلالة الملك الذي يقود دبلوماسية نشطة في نيويورك، ينتظر ان يحمل برنامجه لقاءات عديدة في نيويورك، كما في واشنطن، كما يصف ذلك بعض المتابعين للدور الكبير الذي يقوم عليه جلالته في التاثير على دوائر القرار في البيت الدولي، وذلك بهدف التخفيف من حدة الزوايا الحادة في العلاقات الاقليمية السائدة في منطقة مهد الحضارات، كونه يشكل محط اعتماد يقوم على تعزيز مناخات الاستقرار والمنعة للمنطقة ومجتمعاتها.