تتدفق الأخبار من كل حدب و صوب، مصحوبة بالتحليل و التعليق و الاتصال و الحوار و ارتفاع وتيرة الاتهام و الدفاع و الحياد حسب قناعة و رأي و هدف الوسيلة أو الضيف و أحياناً المحاور ، فتتغير الملامح و الانفعالات و التعبير، و يضيق صدر البعض و ترتفع الأصوات ، وقد تصل إلى حد الصراخ و استخدام بعض الالفاظ الغير لائقة حتى يصبح المشاهد و المتابع في حيرة من أمره ، ويصعب عليه في كثير من الأحيان الخروج بشيء مفيد من " الطبخة" كلها و يتكرر المشهد كلما حاول تتبع هذه الأخبار بين وسيلة و أخرى و غالباً المحطات الفضائية مع أننا نقر تماماً بأن الأعلام بكل وسائله و مضامينه المنضبطة من الضرورات التي لا يمكن في هذا العصر الاستغناء عنها أو الانتقاص من دورها في مجمل ظروف الحياة ، حيث أصبحت المواد الاعلامية متاحة للجميع في ظل العيش فيما يشبه القرية الكونية مع التطور المتسارع في تكنولوجيا المعلومات و ملحقاتها.
في كثير من الأحيان تجد موضوعاً معيناً يطغى على عناوين و مضامين الأخبار و البرامج الاخبارية الحوارية و ما شابه و المتتبع هذه الأيام لشبكات الأخبار في الاقليم و جزء من هذه الشبكات على مستوى العالم ربما لا يجد خبراً أو تقريراً يخلو من ايراد اسم " ايران" بنظامها و غاياتها و أهدافها و نفوذها و اسلحتها و تأثيرها على الكثير من المجتمعات ، و سلوكياتها و التدخل في شؤونها الداخلية و الخارجية بل و رسم مستقبلها و مستقبل أبنائها و أطماعها المتنامية و اجندتها الخاصة باستخدام كافة الوسائل المادية و غير المادية ، فعلى سبيل المثال و على مستوى اهتمامات العالم فالنووي الايراني عنوان بارز وكل ما يتعلق به يطالعك صباح مساء و اسرائيل تخصص 1.5 مليار دولار للتعامل مع التهديد الايراني و ماليزيا توقف كافة العلاقات مع ايران و تلغي في سابقة من نوعها كافة أشكال التعاون معها و لبنان يعاني الأمرين بسبب التدخل الايراني ، مثلما يعيش اليمن صراعاً مريراً بسبب هذا التدخل الذي يبرز الان بتواتر في افغانستان و عند العراق و سوريا حدث و لا حرج ، و دول الجوار في الخليج و حتى في الاقليم ليست ببعيدة عن هذا التدخل تحت كل المسميات و بكل الوسائل و من خلال السماسرة و تجار الحروب و الأزمات و مروجي الفكر الفارسي عبر القارات .
أمام هذا التمدد الفكري و المدعوم بالسلاح و المليشيات و المتحفزين لردود الفعل و الحرب الاعلامية و مروجي المخدرات و الفكر المتطرف و إباحة ما يخدم فكر الدولة الفارسية و تحريم ما لاتطاله يدها نتساءل أين تذهب الأمور و في أي الإتجاهات و نراقب كغيرنا هذا الخليط الذي قد يتمخض عنه ما لا يسر و لا ننسى أبداً أن الحرب مبدؤها الكلام.