يصادف اليوم الذكرى الستين ليوم مولدي، حيث المشاعر تمتزج بين فرح المناسبة والحنين والشوق للماضي وعيش اللحظات الحلوة والحسرة على ما ضاع من الوقت وسرعة مرور اﻷيام من عمرنا ومراجعة ملف جردة الحساب للثغرات والهفوات والخطايا وتحول الشباب رويداً رويداً للشعر اﻷبيض والتفاؤل بالمستقبل؛ ولسان حالي يقول إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً:
1. الأيام تمر كومض البارق اللماح؛ فبالأمس القريب ما زلت أستذكر محطات العُمر بدءاً من الروضة للتو؛ فالزمان والمكان والأحداث هي شريط الحياة الذي أسرع ومرّ على غير غفلة وكرمشة عين؛ ومع ذلك فالحياة تمثّل اللحظة التي نعيشها.
2. المحطات المهمة في الحياة هي الطفولة والدراسة والزواج والتربية ورسوخ اﻹيمان ورضا الوالدين والمعاملة مع الناس ومحبتهم وخدمة الوطن والعمل واﻷمة واﻹنتاج العلمي وروحية العطاء وغيرها.
3. مرت ستون عاماً كلحظة وكشريط حياة لا بل مسيرة نذكر منها بدايتها ونهايتها وما بينهما أحداث من الذكريات الحلوة والمرة على السواء، لكن روحية العطاء فيها تجعل للحياة لذة وبسمة ورضا وقناعة.
4. نجاح المسيرة يقاس بالنتائج والمخرجات، والحمد لله تعالى على كل شيء، فإنني أسعى ما إستطعت إلى رضا رب العزة ومن ثم والدي وأحاول إرضاء لا إسترضاء معظم الناس.
5. أحاول جاهداً أن أنفع وأساعد الناس بعلمي وعملي وعطائي ووقتي وجهدي، لكن جل من لا يسهو أو يخطىء، فأرجو أن أستميح عذراً من أخطأت أو قصرت بحقه، وأن أطلب السماح ممن أسأت إليه، والعفو ممن ظلمته دون قصد، فكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.
6. في يوم مولدي الستين أعترف بأن قلبي مليء بالمحبة والتسامح والوفاء لكل الناس ولا مكان فيه للضغينه أو الكُره أو الحسد أو البغضاء أو الحقد والله أبداً، فقلبي أبيض كبياض الثلج وربما أنقى؛ وأحاول جاهداً أن أظهر حُبي للجميع ومن قلبي وبصدقية المشاعر دوماً، لكن ربما أحياناً تخوننا المشاعر والتعابير؛ فرضا الناس غاية لا تدرك!
7. شكراً وحمداً من القلب لله أولاً، ومن ثم لكل من أخذ بيدي في مسيرة حياتي بدءاً من أمي وأبي ومروراً بأساتذتي وزوجتي وأبنائي وإخواني وأقاربي وعزوتي وأنسبائي وأصدقائي وقيادتي ووطني ومؤسساته العسكرية والمدنية وموظفيّ وزملائي ومن حولي جميعاً، فلولاكم لما وصلت لما أنا عليه اﻵن.
8. أتطلع ﻹستكمال مسيرة الحياة لما تبقى من العمر بالجد والمثابرة واﻹيمان وإرضاء رب العزة وبر الوالدين ومعاملة الناس بالحسنى والتسامح ونبذ الكراهية ومساعدة المحتاجين، وعكس الصورة الطيبة عن مجتمعنا والبناء على الثوابت الوطنية؛ كما أتطلع لأترك إرثاً معنوياً نظيفاً أساسه السُمعة الطيبة ومحبة الناس وصدقيّة المشاعر وعلم ينتفع منه.
9. آمل أن يمنحنا الله تعالى العمر والقوة والعزيمة ويبارك لنا فيها ﻹستكمال ما نصبو إليه لتحقيق اﻷهداف المرجوة ﻹستكمال مسيرة العطاء اﻷسري والمجتمعي والوطني واﻹنساني.
بصراحة: اﻹنسان كلما مر به العمر ينضج ويفهم الحياة أكثر ويتطلع للخلف للتقييم وللأمام للتصويب، وندعو الله مخلصين أن يجعلنا من المؤمنين المخلصين المعطائين الجادين المستقيمين، وندعوه أن يحقق أمانينا الخاصة والعامة، وأن يدخل الفرح والسعادة على الجميع.