خلال فعاليات مهرجان الفنون الاسلامية في دورته الرابعة والعشرين، أقامت دائرة الثّقافة بالشّارقة ندوة عن فنّ الخطّ العربي وعلاقته بالفنون الأخرى قدّم فيها الخطّاط الإماراتي خالد علي جلاف، محاضرة عن نشأة فنّ الخطّ العربيّ و مراحل تطوّره عبر الحقبة الزمنيّة الممتدّة منذ ما قبل الإسلام إلى حدّ السّاعة. وتناول الجلاف في مداخلته مسألة تعدّد الخطوط العربيّة و اختلاف أنواعها و خصائصها و أبعادها مشيرا إلى مشاركتها في تأكيد الهويّة الحضاريّة للعرب و المسلمين على حدّ السّواء، الفتاة إلى امتزاجها بشتّى صنوف الفنون كالعمارة والزّخرفة والرسم على الزّجاج وغيرها من الأشكال الفنيّة.
و يُشار إلى أنّ رحلة الفنان خالد علي جلاف بدأت مع الخطّ منذ ثلاثة عقود و نيف تقريبا، وشارك في العديد من المعارض الجماعيّة في محطّات مختلفة من مسيرته الفنيّة،وهو يشغل حاليّا منصب رئيس جمعيّة الخطّ العربي الاماراتيّة، وقد زار العديد من دول العالم سفيرا لفنّ الخطّ العربي، واحتفت به وكرّمته دول عربية وأجنبية عديدة عن مشواره الكبير في تصميم اللّوحات والجداريّات في مصر وتونس والمغرب وتركيا وقطر وعمان وغيرها من البلدان الإسلامية .
و أوضح الفنان الكبير خالد الجلاف خلال الندوة أن نشأة فن الخط العربي ترجع في الأصل إلى الخط النبطي الذي كان سائدا في الجزيرة العربية قبل الاسلام ، ثم ظهرت المدرستان الكوفية والحجازية و قد عملتا على تطوير هذا الخط ونشره، فتمّ اعتماد الخطّين الكوفي و الحجازي في اللغة العربية و كان الأول يتسم بالصّلابة و أما الثاني فامتاز بالسلاسة.
ثم استعرض الجلاف أنواع الخط العربي قائلا أن هنالك العديد من أنواع الخطوط العربية، التي شكلت لوحات زخرفية هندسية، وهذه الخطوط هي : الخط الكوفي: من أشهر الخطوط وأقدمها، واسمه جاء نسبة إلى مدينة الكوفة في العراق، يمتاز بالتنسيق ومماثلة الحروف ، خط النسخ: سمّي بالنسخ لكثرة تداوله في الكتابة وقد استخدم لنسخ سور وايات القران الكريم في عهد الخليفة عثمان بن عفان ، ومن خصائصه: وضوح الحروف وكبرها، مما يضمن القراءة الصحيحة.
ثم خط الثلث: من أعقد الخطوط كتابة، وأروعها شكلا، يختص بالمرونة؛ ذلك لأن لمعظم الحروف عدة أشكال في الكتابة، ونظراَ لصعوبته واحتياجه لوقت طويل في الكتابة، فإن كتابته تقتصر على العناوين وبعض الآيات.
وخلال المحاضرة قدّم علي جلاف نماذج كثيرة ومتنوعة تبرز روعة الخطوط العربية وامتزاجها بالسياق الحضارى العربي والاسلامى بداية من قطب منار الشهير فى الهند وقصة نشأته على بد ابناء وأحفاد القائد المغولى هولاكو الذين اعتنقوا الاسلام وقاموا ببناء هذا الصرح الكبير في مدينة دلهى مزخرفا بالايات القرانية المكتوبة بالخط العربي الجميل ، ثم انتقل الى تأثر حكام غرناطة والأندلس بفنون الخط العربي واصرارهم على تزيين المساجد والعمارة الاسلامية هناك بالخطوط العربية المدهشة وابرز مثال على ذلك قصر الحمراء في غرناطة , وصولا الى الدولة الفاطمية في مصر وكيف كانت تزين القصور والمساجد والمشكاوات المعلقة بالحروف الكتوبة بخط الثلث وقدم نموذجا مبهرا لمحراب مسجد قايتباى في القاهرة وبعض المساجد في امغرب واسطنبول والدوحة والامارات وكذلك عددا من اعماله الابداعية الجميلة التي قدمها في معارض واحتفالات فنية مختلفة تحتفي بفن الخط العربي وروعته المدهشة لكل من يراها ويعرفها .
وفي نهاية المحاضرة أبرز الغرض الرئيسي من الاهتمام بفن الخط العربي وهو الحفاظ على الهوية الحضارية للعرب والمسلمين خصوصا مع الأجيال القادمة وأكّد على ضرورة اهتمام الحكومات العربية بهذا الفن العربي الأصيل حتى لا تدّعي ٱحدى الدول الاسلامية بأنه ملكا لها مثلما حدث حين طالبت تركيا منظمة اليونسكو العالمية باعتبار هذه الخطوط تركية وتريد أن يسمّى بالخط التركي وهو ما يتنافى و تاريخ تطور هذا الخط العربي الأصيل.