من سوء الطالع أن دخلت علينا أفكار ومعتقدات غريبة على أدياننا السماوية السمحة التي تدعو على الدوام إلى محبة الآخرين ومعاملتهم بالود والتقدير والإحترام المتبادل.
هذا ما أشار إليه شيخ الأزهر أحمد الطيب واصافاً أنَّ من يحرّم تهنئة المسيحيين بأعايدهم بأنه لا يفقه في الإسلام، وبأنّ التهنئة بالأعياد هو من البِّر. فالإسلام ينظر لغير المسلمين من منظور المودة والأخوة الإنسانية. هذا ما يدلل عليه القرآن الكريم من علاقة البّر والإنصاف.
لكنّ أصواتاً غريبة دخلت مجتماعاتنا، ويشير فضيلته إلى أنّ مصر قبل السبعينات هي غير مصر بعدها، فقد نشأ لاحقاً ما أسماه "كهنوت إسلامي جديد" مختص بالتحليل والتحريم، وأعتقدُ أن هناك أيضاً ما يشبه ذلك لدى بعض المسيحيين أصحاب النظرة الضيقة للأديان الأخرى واصدار الأحكام والفتاوى بحقها.
ومثل هذا الحال ليس ببعيد عن مجتمعنا الأردني، فهناك أصوات تغرد خارج السرب ولا تعترف بالآخر، بخلاف جوهر الدين والعقيدة السمحة، ولكن صوت الحكمة والعقل والضمير والإنسانية ينتصر في ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية المشتركة والتعاون في إطار الوطن الحاضن للتنوع الديني والثقافي، فالوطن يبدد مفاهيم الأقلية والأغلبية ويعلّي مفهوم الحقوق والواجبات المنوطة بكل مواطن. وقد كان جلالة ملكينا المعظم السبّاق في تقديم التهاني بعيلاد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، واصفاُ الأردنيين المسيحيين بالأهل والأخوة والشركاء في بناء الوطن الأردن، وطنُ الجميع الذي يستحق أن نقدم له أرواحنا ومهجنا.
وقد تشرّفنا في بيتنا أنْ كان مفتوحاً لتقبل تهاني العيد المجيد وحضور صفوة الصفوة من أبناء مجتمعنا الأردني الكريم بروح الأخوة الإسلامية المسيحية التي تجد في بعضها البعض السند السنيد والجار القريب الأحب إلى القلب من الأخ البعيد. وكذلك كان بيت د. ليلى النبر مفتوحاً لتقبل تهاني الأصدقاء والأحباء مسلمين ومسيحيين من مجموعة د. عبد الفتاح البستاني للثقافة والفنون ولرياضة المشي. هكذا نفهم معنى العيد الذي يزرع الفرح في قلوبنا جميعاً ويوحد صفوفنا في أردن المجد والعزّ والشموخ.
وستبقى الأديان السماوية مدعاة للفرح والحياة والحب والعطاء والإيثار والتضحية. فهي تحمل في داخلها رسائل السلام للبشرية جمعاء ولا تستثني النبات والطبيعة أيضاً. وواجبنا أن نهتم بما يبنى مجتمعنا ويعّلي صرحه ويخفف من معاناته ويحسن أوضاع الناس الإقتصادية والإجتماعية ويسهم في زرع الوئام والمحبة نفوسهم..
حمى الله بلادنا من كل شر ومن كل فكرٍ ضيق، وبارك الله بجميع أصحاب الفكر النيّر والإيجابي والشمولي الذي يُمجد الله ويعمّر الأرض ويقدس الحياة البشرية.