أمٌ هنا تسابق الوقت...طاسة ألمنيوم مطبقة قديمة أكلت النيران منها ما أكلت فألبستها السواد...ببور الكاز العنيد كعادته يعاقبها وكأنه يشكيها ثم ما يلبث ان يرق لتوسلاتها بأن يعمل فالوقت لا يرحم....في الغرفة المقابلة لشبه المطبخ (جنبية) اسفنج يخرج لونه الاصفر من ثوبها...وجسد يلف نفسه بغطاء بعنف.
اصحى يمه الساعه 4 بدك تلحق دوامك.....يطل برأسه ويبتسم لأمه.....صباح الخير يمه....يالله يمه المي سخنت...ينهض ذلك الأبن المطيع يبدأ مراسم الوضوء والصلاة....في المقابل تسابق أمه الوقت بتجهيز الفوتيك والبسطار فالدوام لا يرحم.....يالله يمه البس بسرعه عشان تلحق الدوام....يلبس فوتيكه وبسطاره ...تنتظره امه على الباب تحمل كاسة القهوة.....يمه أشربها عالطريق (عشان تلحق الدوام).....يقبل راس أمه ويغادر وعيون أمه ترقبه حتى غاب عن الأنظار.....وقلبها يلهث بالدعاء اللهم أحميه ومن معه ويسر أمره...(المهم يلحق الدوام).
السابعة مساءاً....
باب يقرع بصوت الحديد.....جسد مسجى....ودماء زكية تقطر من رداء الشرف....ابنك استشهد يمه.....(ابنك لحّق الدوام يمه)....تبتسم الصابرة ترفع الغطاء عن وجه وحيدها....استشهدت يمه؟.....يعني أكب الببور؟....المي الساخنة كانت الك يمه انا ما بدي مي ساخنه....طيب يمه انا لمين بدي أوقف عالباب الفجر؟.....مين بدي أودع يمه؟....مين بدي استنى نهاية الاسبوع يمه؟.....نزلوه يمه بدي أسولف معه......نزلوه بدي اساله عن فاتورة الكهربا والمي....بدي اساله راتبه متى بنزل عشان أجار الدار المكسور من شهرين...بدي اساله عن دين الدكانه وكيف بدي ارجع العشر ليرات لجارتنا ام خالد اللي اخذتهن منها عشان يداوم فيهن؟....نزلوه يمه بدي احضن الثلاثين سنة اللي سهرتهن معه.....نزلوه يمه واتركونا لحالنا بدي اودي معه كلام لأبوه.....بدي أكمل معه سوالف عن البنت اللي بدنا نخطبها بعد ما يكمل قرض البنك......نزلوه بدي اعاقبه....ليش حكالي راجع.....نزلوه بدي اشوفه زمان ما شفته.
رحل الجميع وذلك الجسد المسجى ايضاً.....وما زال ببور الكاز في مكانه بلا كاز وطاسة الألمنيوم فارغة بلا ماء....رحل الجميع وعادوا الى مكاتبهم وولائمهم وبقيت أم الشهيد تقوم بطقوس الرابعة فجراً.