روحها نفحة مطيبة من غريسا القرية التي سقوفها اشجار الحور والقصيب وزنود الرجال الصناديد الزيود ؛ نفخو في روحها المحبة والمودة والتآلف فطاب المقام والجوار ، فمن عاشر الزيود لا يترك جيرتهم ؛ هذا ديدن بني حسن جعفريون منذ الازل ، ورأس حربة جيوش الملك الناصر صلاح الدين وطوق نجاة القدس منذ يوسف بن ايوب .
" نهز القناة صدر الكماة حتى تكسراعوادها
لنا حرّة مأطورة بجبالها بنى المجد فيها بيته فتأهلّا " .
هي عرين الميادين وحاضنة الوقود والكهرباء والحديد الصلب ؛ قلوب ناسها جبلت على نكران الذات وشرعت حجراتها على الايثار .
جارة السيل العظيم ؛ نهر الماء والآجام والقصب ، سيل التماسيح ، السيل الذي افترست سباعة ابا لهب من بين عصبة من رفاقه ، السيل الذي طالما احتضن رحلة الصيف الحجازية لارض الشام ، وعلى جنباته عسكر القائد المظفرصلاح الدين وجنده الصيد الكماة .
ومن هنا معبر الطريق التجاري لمملكة الانباط الرابط بين البتراء وتدمر ؛ وهنا الحد الفاصل بين حوران والبلقاء وبوابة الانطلاق للبادية ، ومن هنا مر قطار العصملي الى الديار المقدسة ، وعلى التل الاحمر لطالما استروح شبيب التبع الحميري :
" برغم شبيب فارق السيف كفه وكانا على العلات يجتمعانِ
كأن رقاب الناس قالت لسيفه رفيقك قيسي وانت يماني ".
الهاشمية نافذة خو ؛ ميادين الفرسان المعطرة بالبطولة والتعب ؛ زئير الاسود لا يكف عن الزمجرة يشحذ الهمم ويوقظ الفضاء من سباته :
" طف بالبلاد تجد مفاخر صفهم كالشمس تستعصي على النكران
هذه الصحاري في عروق رمالها تجري دماء الحق كالطوفان ".
الهاشمية ؛ اخذت الاسم والصفات من هاشم بن عبد مناف ، اول من هشم الثريد لقومه ، وصاحب الايلاف رحلة الشتاء والصيف ، كان سيد البطحاء ويؤمن الخائف ويؤدي الحق وصاحب الخطبة المشهورة :" الحلم شرف ، والصبر ظفر ، والمعروف كنز ؛ والجود سؤدد ، والجهل سفه والايام دول ، والدهر غير ، والمرء منسوب الى فعله ومأخوذ بعمله ، فاصطنعوا المعروف تكسبو الحمد واكرموا الجليس يعمر ناديكم وحاموا الخليط يرغب في جواركم" .
الهاشمية عقد فريد من جواهر القرى ينتظم على جيدها الجميل " السخنة ، قرى بني هاشم ، غريسا ، ام الصليح ، القنية ، ضبعان ، طواحين العدوان ، السمراء ، الحصب ، الرحيل " :
" لانا نرى حق الجوار امانة ويحفظه منا الكريم المعاهد
فمهما اقل مما اعدد لم يزل على صدقه من كل قومي شاهد
لكل ناس ميسم يعرفونه وميسمنا فينا القوافي الاوابد " .