إنه صباح الجيش العربي الاردني العظيم، القادم من وهج الخيل وصهيل النصر، ومن اول قطرة دم من دماء شهدائه، وهي تعطر اسوار القدس، وتعانق شهداء الفتح، وهذا قائد كتيبة الحسين الثانية الرائد الركن منصور كريشان وكوكبة ابطال من رفاقه في الكتيبة التي اطلق عليها لقب كتيبة «أم الشهداء»، عندما كانت مواجهة في منتصف شهر شباط 1968 قبل معركة الكرامة بشهر حيث تصدى رجال هذه الكتيبة الباسلة لقطعان العدو الصهيوني بمواجهة عُرفت بمعركة الثماني ساعات بمنطقة ام قيس في شمال الاردن، حيث استشهد قائد الكتيبة الرائد الركن منصور كريشان وستة من رفاقه هم: العريف محمود عيد قاسم النسور، الجندي علي حسين علي العمري، الجندي اول عوض محمد ابراهيم الجراح، الجندي منير احمد ابراهيم المصري، الجندي احمد حسن عبدالرحمن، الجندي محمد عقلة مصطفى عبدالرحمن، الجندي احمد عبدالله حسين.
وشهدت مناطق وسط البلد يوما تاريخيا خالدا عندما شيعت الجماهير والجنود جنازة الشهداء من المسجد الحسيني الكبير في مراسم شعبية حاشدة حيث اكتظت الجموع فوق الابنية المحيطة وضاقت شوارع عمان القديمة بالالاف من الذين شاركوا في تشييع جثمان الشهداء الابطال الذين تصدوا لقطعان العدو الصهيوني وقد اقسموا وتعاهدوا ان لا تطأ اقدام العدو الثرى الاردني الطهور.
ممنوع الانسحاب
وفي هذا السياق يقول احد جنود الكتيبة السبعيني انيس قاسم محمد الطبر متقاعد من القوات المسلحة الاردنية وهو من قرية سيل الحارثية في جنين، ان الرائد الركن الشهيد منصور كريشان ابى الا ان يخوض المعارك تلو المعارك، يعلن غضبا مكتوبا بنيران البواريد كلما دنس العدو الاسرائيلي كرامة حجر عربي وشرف زيتونة..يسرج كتائبه لدحر قطعان جيش العدو الصهيوني عن ارضنا العربية، حتى صعد شهيدا، ليزف فوق ثرى قرية ام قيس في معارك الاستنزاف التي خاضها الجيش العربي الاردني في مواجهة العدو الصهيوني العام 1968، مشيرا الى ان طائرة اسرائيلية مقاتلة نوع «سكاي هوك» استهدفت تحديدا بصواريخها سيارة الروفر التي كانت تقل الشهيد كريشان.
واضاف، ان الرائد منصور كريشان وفي حروب الجيش العربي في القدس واثناء اشتعال المعركة كان ينادي بأعلى صوته الهادر على الجنود ويدعوهم للثبات وهو يصرخ قائلا: اثبت يا عسكري.. عرضنا.. مقدساتنا.. ارضنا.. ممنوع الانسحاب.. قاتلوا العدو الغاشم..
ولان الشهيد كريشان كان وفيا للعقيدة والجهاد ومقاتلا عنيدا، بإرادة صلبة يلين لها الصخر ولا تلين، فقد شمخ بكتيبته التي كان يقودها في معركة الدفاع عن القدس في حزيران 1967، وتصدى بعناد صاحب الحق للألوية الاسرائيلية المتقدمة، وتمكن من اعاقة تقدمها لمدة ثلاثة ايام، وقد استطاع حينها ابادة ثلاث كتائب هي عبارة عن لواء كامل من المظليين كان يقوده القائد الصهيوني مردخاي غور، ليفتك بهم، ويذيقهم نيران الرصاص الاردني، ولم يتمكن اي جندي صهيوني من دخول المدينة المقدسة الا على اشلاء كتيبة الحسين الثانية، التي لم يتبق منها الا 43 مقاتلا من اصل 500 مقاتل، حيث اطلق على هذه الكتيبة لقب «ام الشهداء».