نيروز الإخبارية : زف أمر الدفاع رقم 36 بشرى طالما انتظرها المصلون الذين تكتظ بهم المساجد لأداء صلاة التراويح، إذ جاء في الأمر أن تكون المصليات بطاقتها الاستيعابية الكاملة، دون اشتراطات احترازية للوباء، باستثناء الكمامة.
فالجائحة التي دلفت عامها الثالث كبلت حركة الناس وأضفت أجواء صعبة وثقيلة على النفس خلال عاميها الأولين، خاصة خلال الشهر الفضيل، بيد أن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، على ضوء أمر الدفاع، تعمل من خلال الأئمة ولجان المساجد على متابعة التزام المصلين بارتداء الكمامة أثناء وجودهم داخل المساجد، وفق ما أفادت به أخيرا، إذ يعد ارتداء الكمامة آخر إجراء مطبق من سلسلة طويلة أملتها الجائحة.
عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومتابعة الآثار الجانبية للقاحات "كوفيد- 19” الدكتور ضرار بلعاوي، قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن العالم ما يزال تحت وطأة الجائحة، ففيروس كورونا موجود، وقد يصيب الذين لديهم ضعف في المناعة، وأولئك الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة، سيما كبار السن ممن يرتادون المساجد بكثرة، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، مشددا على أخذ المطعوم، وارتداء الكمامة، خصوصا في الأماكن المغلقة.
واضاف، ان البلاد في مرحلة الانفتاح وإرجاع عجلة الاقتصاد، ما جعل المسؤولية الفردية الأهم وصاحبة الدور الرئيس في تسيير شؤون الحياة وفق اشتراطات السلامة العامة، الامر الذي يلقي على الفرد مسؤوليته مجتمعية، فيتجنب نشر المرض اذا كان مصابا.
وفي سياق متصل، اكد سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، ان شكرنا لله، ونحن نستقبل شهر البركة والخير وصلاة التراويح، وقد زالت غمة الوباء ينبغي أن يكون بالالتزام بالإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة، والتزام المصاب ببيته، وكذلك المبادرة الى أخذ المطعوم لما فيه من وقاية للنفس والمجتمع.
وبين الخصاونة، أن التراويح تعني جمع ترويحة، أي استراحة وترويحة للنفس، مشيرا إلى أن الجلسة التي تلي كل أربع ركعات في ليالي رمضان سميت بالترويحة أي للاستراحة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازا، كما سميت هذه الصلاة بالتراويح، لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كل أربع ركعات.
وصلاة التراويح سنة مؤكدة باتفاق المذاهب، كما يؤكد الخصاونة، مضيفا انه ورد في الحض عليها كثير من الأحاديث الشريفة، اذ قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه».
وأضاف، كان صلى الله عليه وسلم يواظب على قيام ليالي رمضان وإحيائها بالذكر والعبادة وبدأ صلى الله عليه وسلم بقيام ليالي رمضان جماعة مع المسلمين في صلاة التراويح ثم ترك الصلاة بهم جماعة رحمة بهم وخشية أن تفرض عليهم.
وعن عروة رضي الله تعالى عنه، أن عائشة رضي الله عنها، أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: «أما بعد، فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها»، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك”.
وبين أن صلاة التراويح كانت في زمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم تقام بعشرين ركعة، وعن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: "إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل” ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: "نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون” يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله” صحيح البخاري.
وقال، ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها من الأيام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره» صحيح مسلم، وعنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» صحيح البخاري.
ويشير أستاذ الحديث الشريف وعلومه في كلية الدعوة وأصول الدين جامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور أمين عمر دغمش إلى انه يستحب أداء صلاة التراويح جماعة في المساجد، واصطحاب النساء، والأطفال، ومما يدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي قتادة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه)، ففي هذا دليل على جواز إحضار الصبيان المسجد وحضور الجماعة.
وأضاف، بعد أن من الله علينا– ولله الحمد والمنة- بدفع وباء كورونا، يفترض بنا أن نأخذ بأسباب الوقاية منه؛ وذلك بالالتزام بلبس الكمامة وإحضار سجادة الصلاة؛ وهذا من الأخذ بالأسباب التي أمر بها الشارع.
وأضاف ان على المسلم أن يكون على أكمل حال عند حضور الصلاة والأخذ بأسباب الوقاية من الأمراض والعدوى.
رئيس قسم أصول الدين في جامعة اليرموك الدكتور محمد عوده الحوري، قال، يجتمع في رمضان سببان للمغفرة، أحدهما الصيام، وثانيهما القيام. والكيس من اتخذ من رمضان نقطة تحول وارتقاء؛ تهدأ فيها نفسه، ويسكن قلبه، وتسمو روحه بالوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى اقتداء بنبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فيقال له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: (أفلا أكون عبدا شكورا؟).
وأضاف، إن من الحكمة في هذه الأيام – وبعد غياب عن هذه الأجواء الإيمانية بما ابتلى الله به عباده من جائحة كورونا، وما تبعها من حبس عن بيوت الله، ومنع للجمع والجماعات – أن نحرص على استمرار أداء التراويح في مساجدنا جماعة، حامدين الله تعالى على تخفيف سطوة هذا البلاء ورفع التباعد بين المصلين، لكن مع الالتزام بوسائل السلامة العامة كارتداء الكمامة، والتزام المريض بيته، فلا يحل لمؤمن أن يلحق الأذى بإخوانه، وليسعه قوله تعالى (ولا على المريض حرج).
وأشار إلى أن من الواجب الحرص على اصطحاب الأبناء، ممن يعقل حرمة بيوت الله تعالى، ليشهدوا الخير، ودعوة المؤمنين، والحفاظ على أوقاتهم، وتوجيههم لاستثمار كل لحظة في الطاعة، موضحا ان العاقل من يجعل لبيته حظا من صلاته؛ تارة يصلي منفردا وأخرى يصلى بأهله، وليدع ربه أن يتقبل منه (إنما يتقبل الله من المتقين).