تحمل العديد من السور القرآنية مسميات وكنيات أخرى غير الاسم الذي عنونت به، من بينها سورة يطلق عليها مسمى "المنافقين"، فما هي؟.
السورة التي يطلق عليها سورة المنافقين هي "التوبة"، التي تبدأ بقول الله عز وجل: "بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ".
سورة التوبة تحتل الترتيب التاسع في المصحف الشريف، ويبلغ وعدد آياتها 129، ويسبقها سورة الأنفال ويليلها سورة يونس.
وهي من السُّور التي نزلت قبل هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم من مكة المكرمة إلى المدينة المنوّرة، وفيها تُختَتم طِوال السُّور في القرآن الكريم.
"التوبة" هي السورة الوحيدة التي لم تبدأ بالبسملة "بسم الله الرحمن الرحيم"، وعن هذا قال علي بن أبي طالب وابن عبّاس رضي الله عنهما، إنّ البسملة فيها أمان ورحمة، وجاءت هذه السورة لتُزيل الأمان عن المنافقين.
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه إنّ رسول الله كان كلّما نزلت آيةً من القرآن يأمر الصحابة بوضعها في مكانها بين الآيات، أمّا سورة التوبة فقد توفّيَ رسول الله ولم يبيّن للصحابة مكانها.
سورة التوبة تشترك مع الأنفال في الموضوعات وتُسمّيان معاً القرينتين، فقُرنت معها ولم تأتِ فيها البسملة، كما أنهما يُعتبران من السّبع الطوال.
أُطلق على سورة التوبة في كثيرٍ من المصاحف وعلى ألسنة الصحابة اسم براءة، ومن ذلك ما وراه أبو هريرة حين حجّ أبو بكر بالنّاس فقال: (فأذَّنَ معنَا عَلِيٌّ يَومَ النَّحْرِ في أهْلِ مِنًى ببَرَاءَةَ)، وروى البراء بن عازب رضي الله عنه فقال: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ)، وتعود هذه التسمية إلى أول كلمةٍ في السورة.
بينما وردت في كثيرٍ من المصاحف باسم سورة التوبة، حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: (التَّوْبَةُ هي الفَاضِحَةُ)، لأنها ذكرت قصة الثلاثة الذين تخلّفوا عن غزوة العُسرة، وندمهم وتوبتهم وقبول الله لهذه التوبة.
كما ورد ذكر الاسمين معاً في حديث زيد بن ثابت أثناء جمع القرآن بعد وفاة رسول الله حين قال: (فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ واللِّخَافِ، وصُدُورِ الرِّجَالِ، حتَّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مع أبِي خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أجِدْهَا مع أحَدٍ غيرِهِ، {لقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ} حتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ)، وهي الفاضحة، لأنها ذَكرت صفات المنافقين وفضحتهم وكشفت أمرهم.
وتناولت سورة التوبة الكثير من المواضيع، لكنها عرضت بشكلٍ أساسي حقيقة أمر المنافقين، لذا يطلق عليها سورة المنافقين.
أيضا تناول موقف النّاس مع رسول الله في المدينة، وتصرّفهم معه في غزوة تبوك، ورُسِمت فيها الخطوط الموضّحة لعلاقة المسلمين مع غيرهم، ونقضت عهودهم مع غيرهم من المشركين الذين ابتدؤوا بمخالفة هذه العهود.