ساهمت الصدمة التي أحدثها حصول "تيتان" على جائزة مهرجان كان السينمائي العام الماضي في جعل كل الاحتمالات مفتوحة بالنسبة إلى السعفة الذهبية للدورة الخامسة والسبعين التي يتسلمها الفائز مساء السبت.
ومن أبرز المتنافسين عليها مخرج شاب يطرح مسألة الرجولة ("كلوس")، وفيلم تشويق من شأن فوزه أن يعزز الموجة الكورية الجنوبية، أو ربما ينالها فيلم الأخوين داردين ليحققا بها ثلاثية تاريخية.
وبعيداً من صخب جادة الكروازيت، تلتئم لجنة التحكيم للمداولة وسط درجة عالية من السرية، بعدما أنهت مشاهدة الأفلام الأحد والعشرين المدرجة ضمن المسابقة الرسمية. وسيحصل أفضل فيلم على سعفة ذهبية أكثر أناقة من أي وقت مضى، بعد أن رصّعت بمئة ماسة.
وأعلن نهاراً اسم الفيلم الفائز بجائزة "العين الذهبية" لأفضل فيلم وثائقي، وهو "أول ذات بريذس" لشوناك سين عن إنقاذ الطيور الجارحة في دلهي.
أما الفائزون بالجوائز الأخرى، فمن المتوقع أن يُعلَن عنهم عند الثامنة والنصف مساءً (18:30 ت غ) خلال حفلة تنقلها مباشرة محطة "فرانس 2" وقناة "بروت" على الإنترنت.
وسيحاول رئيس لجنة التحكيم الممثل الفرنسي فينسان ليندون عدم ارتكاب خطأ مماثل لذلك الذي ارتكبه سلفه سبايك لي العام الماضي عندما أعلن في بداية الحفلة هوية الفائز بالسعفة الذهبية فيما كان يُفترض أن يكشف اسم رابح جائزة أفضل ممثل.
وتضم اللجنة التي تختار الفائزين بجوائز الدورة الخامسة والسبعين، إلى جانب ليندون، الممثلة البريطانية ريبيكا هول التي برزت في فيلم "فيكي كريستينا برشلونة"، والممثلة السويدية نومي راباس ("ميلينيوم") والمخرج الإيراني أصغر فرهادي الذي فاز فيلمه "قهرمان" بالجائزة الكبرى لمهرجان كان عام 2021، والفرنسي لادج لي (مخرج فيلم "لي ميزيرابل" الفائز بجائزة لجنة التحكيم في كان عام 2019) ويواكيم ترير ("ذي وورست بيرسون إن ذي وورلد").
وستكون هوية الفائز بالسعفة الذهبية مفتوحة على كل الاحتمالات، بعدما شكّل فوز الثلاثينية جوليا دوكورنو عن فيلمها "تيتان" صدمة إيجابية العام الفائت، ونفض الغبار عن المسابقة.
لكّن ثمة فرصاً ضئيلة هذه السنة لفوز فيلم من إخراج امرأة بجائزة المهرجان للمرة الثالثة في تاريخه، إذ لم تنجح الأميركية كيلي ريتشارت في أن تسحر الجمهور بفيلمها "شوينغ آب"، ولا الفرنسية كلير دوني بفيلمها "ستارز أت نون"، فيما يبدو الفوز بعيد المنال بالنسبة للموهبتين الشابتين شارلوت فانديرميرش وليونور سيرّاي.
وفي حال حصول البلجيكي لوكاس دونت البالغ 31 عاماً على الجائزة، سيكون فوزه بمثابة إشارة إضافية إلى عزم المهرجان السينمائي الأهم في العالم، في نسخته الخامسة والسبعين، على التجدد، وحرصه على عدم الابتعاد من الجيل الجديد من الجمهور.
وكان التصفيق والهتاف اللذان استمرا 12 دقيقة بعد العرض الرسمي لفيلمه "كلوس" مقياساً معبّراً عن مدى الاستحسان الذي قوبل به هذه الشريط، وهو يتناول قصة فتى أحبطته خسارة صداقة، ويعالج بدقة مسألة الذكورة وتأثير الأعراف. وشكّل "كلوس" فرصة لاكتشاف موهبة الممثل كان إيدن دامبرين البالغ 15 عاماً.
"صناعة الأحلام"
لكنّ الترجيحات لا تتجه إلى "كلوس" وحده، بل يمكن للجنة التحكيم أن تكون من رأي غالبية النقاد المتعددي الجنسية الذين استفتتهم مجلة "سكرين"، وأن تمنح الجائزة تالياً لبارك تشان ووك الذي سيعود إلى بلده كوريا الجنوبية، في حال فوزه، بسعفة ذهبية ثانية، بعد ثلاث سنوات من نيل بونغ جون هو الجائزة نفسها عن "باراسايت".
ففيلم "ديسيجن تو ليف" التشويقي لبارك تشان ووك عن مفتش يقع في حب مشتبه بها، والذي يذكّر بفيلم "بيسيك إنستينكت"، يمكن أن يحظى بتقدير لجنة التحكيم وخصوصاً لجهة البراعة في إخراجه.
ومن بين الأوفر حظاً أيضاً لنيل جائزة مهرجان كان الأخَوان البلجيكيان جان-بيار ولوك داردين عن فيلمهما "توري إيه لوكيتا" الذي قد يحصدان بفضله السعفة الذهبية للمرة الثالثة، وهو ما لم يسبق أن حصل في تاريخ مهرجان كان.
وثمة أفلام أخرى لها حظوظ في الفوز، بينها "أرماغيدون تايم" الذي ينطوي على كثير من السيرة الذاتية لمخرجه جيمس غراي، وفيلم "تشايكوفسكيز وايف" للمخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف.
وفي حال تتويج هذا المخرج الروسي المناهض لنظام فلاديمير بوتين، سيكون نيله الجائزة حدثاً في ذاته إذ يأتي في خضم الحرب في أوكرانيا، بعدما كان للمسألة الأوكرانية حضور بارز خلال المهرجان، وكان افتتاحه بكلمة للرئيس فولوديمير زيلينسكي من كييف اعتبر فيها أن ثمة حاجة "إلى تشابلن جديد ليثبت اليوم أن السينما ليست صامتة"، واعدا بهزيمة بوتين.
ولا شك في أن المفاجآت ممكنة دائماً، بل لا مفر منها، في نهاية مهرجان يأمل في مساعدة دور السينما على جذب الجمهور مجدداً، كما كانت الحال قبل جائحة كورونا.
وأمتع المهرجان الجمهور هذه السنة بحضور نجمين عُرِض فيلماهما من خارج المسابقة، أولهما توم كروز في "توب غان: مافريك"، والثاني النجم الصاعد أوستن بتلر البالغ 30 عاما في العرض العالمي الأول لفيلم "إلفيس"، حيث يؤدي شخصية "الملك" إلفيس بريسلي.