يكافح مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة وحوالي 20 دولة أخرى هذه الفترة مع تفشي فيروس جدري القرود الذي ظهر بشكل مفاجئ وغير متوقع.
وأبلغت الـ20 دولة تقريباً حول العالم عن تفشي المرض الفيروسي بها، مع وجود أكثر من 200 حالة إصابة مؤكدة أو مشتبه بها في أوروبا.
ورغم أن وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة قالت إن الخطر على عموم السكان منخفض، مطالبة الناس بأن يكونوا متيقظين لأي طفح جلدي أو آفات جديدة، والتي قد تظهر مثل البقع أو القرح أو البثور، على أي جزء من الجسم، فإن انتشار الفيروس الأفريقي المصدر أدى إلى سيادة حالة من القلق والتوتر عند الناس، ومن ثم إثارة مجموعة من التساؤلات التي تخص جدري القرود والتي يود الكثيرون معرفة إجابتها.
وعن مدى القلق الذي يجب أن نشعر به من المرض، ومن هو الشخص الأكثر تعرضاً للخطر، وما يجب أن نفعله لحماية أنفسنا من الإصابة الفيروس، يقدم التقرير التالي الإجابة عن جميع الأسئلة المنتشرة والتي تقلق الناس، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية..
هل سيكون جدري القرود هو Covid العام؟
أجمع العلماء على أن الإجابة في الوقت الحالي على هذا السؤال، هي لا، ولن يتصاعد بالطريقة نفسها.
وكبداية، كان فيروس SARS-CoV-2، جديداً، ولم يكن لدى أحد في أي مكان حصانة مسبقة ضده، ولكن على العكس، جدري القرود ليس جديداً.
تم التعرف عليه لأول مرة في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي من قبل العلماء الدنماركيين عندما أصيبت القرود التي كانوا يدرسونها بمرض يشبه الجدري.
ومع ذلك، فإن القرود ليست في الواقع الناقل الأساسي، فمن المعتقد أن القوارض مثل الفئران والسناجب هي كذلك.
وجدري القرود هو فيروس orthopoxvirus - مجموعة فرعية من عائلة Poxviridae من الفيروسات التي تشمل الجدري variola وجدري البقر cowpox.
يمكن أن ينتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة حيوان مصاب، أو من ملامسة دمه أو سوائل جسمه أو بثور على جلده بسبب الفيروس، بمجرد إصابة شخص ما، يمكنه نقلها إلى أشخاص آخرين عن طريق الاتصال الجسدي الوثيق.
كما يوجد في اللعاب، لذلك يمكن أن ينتشر عن طريق السعال والعطس.
لكن يجب أن تكون قطرات الجهاز التنفسي كبيرة لتحمل كميات كبيرة من الفيروس، ولهذا السبب ستكون هناك حاجة إلى "اتصال طويل وجهاً لوجه" مع شخص مصاب لهذا النوع من نقل العدوى، وفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
ولهذه الأسباب، يتفق الخبراء على أن جدرى القرود من المحتمل أن يكون أقل عدوى بكثير من Covid-19، والذي ينتشر بشكل أساسي عن طريق جزيئات فيروسية مجهرية يزفرها شخص مصاب، والتي تتجمع بعد ذلك في الهواء.
هل هو مرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي؟
الإجابة هي لا، فالاتصال الجنسي ليس الطريقة الأساسية لانتشار جدري القرود.
لا يوجد دليل حتى الآن على أنه يمر عبر السائل المنوي أو السوائل المهبلية، مثل فيروس نقص المناعة البشرية HIV على سبيل المثال.
ولكن ملامسة الجلد للجلد أثناء ممارسة الجنس يمكن أن تؤدي إلى انتقال العدوى إذا كان أحد الشريكين مصاباً بآفات جدري القرود.
وقالت الدكتورة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، في تعليق لها الأسبوع الماضي: "تنتشر العدوى من خلال الاتصال الوثيق، والجنس هو بالتأكيد اتصال وثيق".
وأكدت أن "الأشخاص الذين يعتبرون مثليين أو مزدوجي الميول الجنسية، هم الأكثر تضرراً في هذه الفاشية".
وتم اكتشاف الحالات عندما طلب هؤلاء الرجال المساعدة من خدمات الصحة الجنسية، ولاحظ الأطباء شيئاً غير عادي في أعراضهم.
ويدرس رؤساء الصحة الآن احتمال أن يكون الفيروس قد اكتسب مكانة في مجتمع المثليين خلال التجمعات الكبيرة.
وفي جميع الحالات، كان المرض خفيفاً، لكن الدكتورة هوبكنز حثت الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيون جدد من جميع الجنسيات على توخي الحذر من الأعراض، مشيرة إلى أن العدوى يمكن أن تنتقل بسهولة بين الرجال والنساء.
ما هي الأعراض التي يجب على الناس معرفتها؟
في البداية، يسبب جدري القرود أعراضاً شبيهة بالإنفلونزا، مثل الحمى والصداع والتهاب العضلات وآلام الظهر وتضخم الغدد الليمفاوية (الغدد الموجودة في الرقبة أو الفخذ أو تحت الذراعين).
وفي غضون يوم إلى 5 أيام، يظهر الطفح الجلدي، عادةً على الوجه أولاً، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية، والذي يشبه جدري الماء.
ويبدأ كبقع بارزة ثم تتحول إلى بثور صغيرة مملوءة بالسوائل، ثم تتحول هذه البثور إلى قشور تسقط في النهاية.
ويمكن أن يستمر المرض لمدة تصل إلى 4 أسابيع، لكن معظم الحالات تصح من تلقاء نفسها دون أي علاج.
ماذا يحدث إذا كانت نتيجة اختبار شخص ما إيجابية؟
إذا اشتبه في إصابة شخص بجدرى القرود، فسيخضع لاختبار PCR - مثل الذي تم استخدامه لتشخيص الإصابة بكوفيد، ولكن باستخدام مسحات مأخوذة من الجلد والحلق.
لا توجد علاجات محددة، وتقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة NHS حالياً إنه إذا كانت الأعراض خفيفة، فقد يُنصح المرضى ببساطة بالبقاء في المنزل حتى يتعافوا.
ولكن إذا كان المرض أكثر خطورة، يمكن تقديم العلاج للمرضى بما في ذلك الأدوية المضادة للفيروسات - تيكوفيريمات، المصمم للجدري، وسيدوفوفير.
ويمكن أيضاً تقديم لقاح الجدري smallpox، المعروف أنه يقلل من شدة الأعراض.
هل يمكن أن يكون الفيروس قاتلاً؟
هناك نوعان من سلالات جدري القرود، والسلالة المتداولة - سلالة غرب أفريقيا، وهي الأقل ضراوة.
وتعتبر سلالة أفريقيا الوسطى أو حوض الكونغو أكثر حدة.
وأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة والأطفال الصغار والنساء الحوامل وكبار السن معرضون لخطر أكبر.
وتعد معدلات الوفيات لكلتا السلالتين، 1% و10 % على التوالي.
هل يشكل جدري القرود خطراً أكبر على الأطفال؟
حسب المعلومات المحدودة للغاية، فالجواب نعم.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه إذا أصيب الأطفال بالفيروس، فقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض شديد، على الأرجح بسبب ضعف جهاز المناعة لديهم وقد يجدون صعوبة في مكافحة العدوى.
ولكن الخبراء حثوا الآباء على عدم القلق، وذلك، نظراً لأنه نادراً ما يتأثر الأطفال في حالات تفشي المرض خارج أفريقيا (حيث يلعب الأطفال بالقوارض البرية، ثم يلتقطون العدوى).
وقال الدكتور ديفيد بورتر، خبير الأمراض المعدية للأطفال في مستشفى ألدر هاي البريطانية للأطفال: "لا أعتقد أن هناك أي داع للقلق".
هل يمكن أن يكون الشخص معدياً دون أن يعلم أنه مصاب بالفيروس؟
نعم، هذا ممكن.
وتتراوح فترة حضانة جدري القرود بين 5 و21 يوماً، لا تظهر خلالها أعراض المرض ولا تكون معدية.
ولكن بمجرد ظهور الأعراض المبكرة، مثل الصداع والتعب والحمى وتضخم الغدد، يمكن للشخص المصاب نشر الفيروس.
هل يمكن الإصابة بجدري القرود من خلال الجلوس بجانب شخص مصاب؟
قالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إن الجلوس مباشرة بجوار شخص مصاب بجدري القرود على متن طائرة، أو مشاركة السيارة أو التاكسي أو التواجد على بعد متر واحد من شخص مُعدٍ دون ارتداء معدات الوقاية الشخصية، جميعها سيناريوهات من شأنها الدلالة على تعرض الفرد لخطر متوسط للتعرض للفيروس.
بينما تم تصنيف الجلوس على بعد 3 صفوف من مريض جدري القرود على متن طائرة على أنه منخفض الخطورة، وقد لا يُنصح هؤلاء الأشخاص بأخذ أي احتياطات، طالما أنهم لا يعانون من أعراض.
كما قالت الوكالة إنه يمكن للناس تقليل مخاطر الإصابة بجدر القرود من خلال غسل اليدين بانتظام وتجنب الاتصال بالأشخاص المصابين.
هل الأشخاص الذين حصلوا على لقاح الجدري في مرحلة الطفولة محميون من جدرى القرود؟
تم التخلص التدريجي من التطعيم الروتيني ضد الجدري في مرحلة الطفولة في كثير من دول العالم في أوائل السبعينيات مثل المملكة المتحدة، حيث لم يعد المرض يشكل تهديداً.
ويوفر لقاح الجدري رسمياً الحماية لصاحبه لمدة 5 سنوات فقط، ولكن رغم عدم إثبات ذلك، يقول بعض العلماء إن بعض الناس قد يكون لديهم خلايا مناعية باقية توفر بعض الحماية ضد جدرى القرود كل هذه السنوات بعد ذلك.
هل الحيوانات الأليفة في خطر؟ تضع وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في المملكة المتحدة في الوقت الحالي إرشادات تحث الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس على الابتعاد عن الكلاب والقطط العائلية خلال فترة عزلهم الذاتي.
وقالت الجمعية البيطرية البريطانية إن خطر إصابة الحيوانات الأليفة بالفيروس منخفض، لكن من المنطقي بالنسبة لأصحاب الحيوانات الأليفة المصابة تجنبها أثناء الحجر الصحي، لأن القلق الحقيقي هو أن جدرى القرود يصبح مستوطناً في الحيوانات الأليفة ومن ثم يصبح حراً في إصابة أعداد كبيرة من الناس.