لا يمكن لنا الحديث عن القيادة بعلومها وفنونها دون المرور بدراسة كاولتر بورتر التي أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية ، والتي تعد من أهم وأقوى وأصدق الدراسات في القيادة ، حتى أنها صُنفت بالدراسة المرجعية في علم القيادة ، وذلك لطول الفترة الزمنية التي استغرقتها تلك الدراسة ، حيث امتدت نحو اربعون عامًا ونيف ، إضافة إلى حجم العينة المستهدفة في الدراسة (( مجتمع الدراسة)) ، حيث كانت تشمل ست قارات بواقع ثلاثة ملايين عامل وعاملة ، ناهيك عن تحقيقها درجة مصداقية عالية بمقدار ( 97.3) ، علمًا بأن هذه النسبة في علوم التربية تعد من المستحيلات إلا أنها حدثت بالفعل.
ما أود الإشارة إليه هنا ، هو السؤال الذي طُرح على عينة الدراسة كافة من مختلف القارات باختلاف أجناسهم وأديانهم ، ذكورًا وإناثا ، حيث كان السؤال الموجه إليهم كالآتي :
* ما هي أهم صفات القائد المثالي؟
تخيلوا أن نسبة التشابه في الإجابة الأولى على هذا السؤال تجاوزت ( 95% ) ، والأغرب من ذلك انهم اتفقوا على إجابة موحدة ألا وهي ( المصداقية).
وفي دراسة أخرى أجرتها نفس الجامعة ولكن هذه المرة كانت عينة الدراسة ( 2500 ) مدير تنفيذي وطُرح عليهم السؤال ذاته ولكن بصيغة أخرى .
* ما هي أهم صفات الموظف المثالي؟
تخيلوا أن نسبة التشابه في الإجابة الأولى على هذا السؤال تجاوزت ( 95% ) ، والأغرب من ذلك أيضًا أن إجابتهم تمحورت هم الآخرون حول ( المصداقية).
إذن، من الملاحظ لدينا جميعًا ، أن المصداقية مطلب أساسي ما بين الرئيس والمرؤوس ، لا وبل بين الناس جميعًا ، فبإمكاننا اعتبارها مطلب جماهيري ، وبدونها فلا يُؤتى العمل ثماره، ما يجعل علاقة الرئيس بالمرؤوس مهزوزة في أدنى صورها والعكس صحيح.
لذلك عندما نتحدث عن المصداقية نتحدث عن القيم والمبادئ ، فإن أردت اختبار مؤسسة ما أو شركة ما فاختبرها بمدى التزامها بدرجة المصداقية ، وهذا يشير إلى أن نجاح القائد يكون بدرجة مصداقيته والتزامه فيما يخطط تنسيقًا وتنفيذا وصولًا لتحقيق أهدافه المرجوّه.