أعلن البيت الأبيض يوم أمس الثلاثاء بأن بايدن سيلبي دعوة لزيارة السعودية في 15 يوليو المقبل، وسيشارك في قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تترأس دورتها الرياض.
وتعتبر هذه الزيارة فرصة أمريكية لوضع العلاقة السعودية الأمريكية في مسارها الصحيح بعدما شهدته من نفور على خلفية تنامي علاقة الرياض مع موسكو، وعدم استجابة السعودية لمطالب أمريكا بزيادة انتاج النفط السعودي لخفض أسعاره في الأسواق العالمية؛ بغية ضرب الاقتصاد الروسي الذي استفاد من ارتفاع أسعار النفط، ليستعيد عافيته، إذْ حقق نمواً استثنائياً وفائضاً مالياً كبيراً عن تكلفة الحرب الباهظة الأمر الذي مكن البنك المركزي الروسي من خفض الفائدة على القروض، مقابل ذلك يعاني الغرب من تضخم قد يؤدي على المدى البعيد إلى ركود اقتصادي من جراء فرض الحصار على الاقتصاد الروسي حيث انقلب السحر على الساحر.
وستكون الفرصة متاحة لبايدن خلال هذه الزيارة المرتقبة-وفق مراقبين- كي يحث السعودية على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في إطار علاقة تحالفية في كافة الصعد، من اجل بناء حلف ناتو "سني- إسرائيلي" بقيادة أمريكية يضم دول الخليج العربي والدول العربية المطبعة مع الاحتلال، لمواجهة إيران ومنعها من تحقيق طموحاتها النووية، وإيقاف دعمها للمقاومة في قطاع غزة تحت شعار الحفاظ على الأمن القومي العربي الإسرائيلي، طبعاً سيكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية.
وفي سياق متصل، أبرمت "إسرائيل" مؤخراً اتفاقاً اقتصادياً رباعياً "هندو- إبراهيمياً" يقضي بتطوير الصناعة العسكرية بمشاركة تقنية هندية، ودعم ماليٍّ إماراتي، ورعاية أمريكية؛ بغية تحقيق عدة أهداف تنموية وأمنية وسياسية، تلبية لطموحات الدول المشاركة في التحالف.. أهمها:
إحكام الطوق الاقتصادي والعسكري على إيران، كهدف إسرائيلي بالدرجة الأولى.
المساهمة في سد المنافذ على روسيا اقتصادياَ.. ومحاولة إبعاد الهند عن موسكو قدر المستطاع.
منح أمريكا نافذة اقتصادية أخرى على منطقة المحيط الهندي فيما يتعلق بالملف الصيني كمسار يوازي طريق الحرير الذي يربط الصين عبر الباكستان بالمحيط الهندي.
وكانت "إسرائيل" قد نشرت أيضاً رادارات متقدمة في الخليج، لمراقبة التحركات الإيرانية في نية مبيتة لإشعال الخليج.
السعودية من جهتها تريد مقابل أي اتفاق في هذا الاتجاه، دعماً أمريكياً مفتوحاً في الملف اليمني، وهذا لو تحقق، من شأنه أن يمنح السعودية المبرر الذي يضعها في مواجهة مشتركة مع إيران رغم أن فاتورة ذلك ستكون باهظة بسبب خفض أسعار النفط المحتمل، وقد يضعها في مواجهة اقتصادية مع روسيا التي تشهد العلاقة بين البلدين نمواً متصاعداً في المجال الاقتصادي. ولكن ما لا يدركه العرب هو أن أي حرب محتملة في الخليج لا يخرج منها منتصراً إلا الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيش على أحلام الهيمنة الاقتصادية على إقليم الشرق الأوسط بعد إجهاض الملف الفلسطيني، وضرب إيران في العمق، وإحكام السيطرة على الغاز اللبناني، ومن ثم بناء تحالفات أخرى مع تركيا واليونان لنقل الغاز إلى أوروبا.
هذه طموحات سيكون من الصعب تحقيقها دون إشعال حرب إبراهيمية إيرانية حاسمة، من خلال استغلال حالة الضعف التي يعيشها الرئيس جو بايدن وخاصة انه يتعرض لضغوطات داخلية قد تعرضه للسقوط المدوي من خلال انتخابات مبكرة طارئة، في ظل فشله في إدارة المواجهة الغربية مع روسيا التي انتعش اقتصادها على حساب أمريكا وحلفائها،
أما عن مدى نجاح ما يسعى إليه جو بايدن، فهذا مرهون بمدى إدراك الدول العربية وخاصة السعودية لمصالحها في ظل كارثة تخطط لها "إسرائيل" في محاولة لتحويل السعودية إلى مرياع يتبعه القطيع.. الله يستر.