بقلم / الدكتورة سهام الخفش
لا شك بأن هناك
جدلاً علميا موسعا حول مفهوم – الوحدة أو الشعور بأنك تعيش وحيدأ أو العزلة
الاجتماعية الاجتماعية، وقد يرى البعض أن النتيجة واحدة ألا وهي العيش ضمن جدران صامتة، فيما أطلق عليها بعض
الباحثين " الوباء الصامت" لما لها من آثار اجتماعية ونفسية على الانسان
والإنسانية.
شئنا أم أبينا علينا الاعتراف بأن الروابط والعلاقات
الاجتماعية بدأت تتآكل وتتمزق تدريجياً في ظل تنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي،
واصبح العيش وقضاء معظم الوقت والساعات الرومانسية ضمن الهاتف النقال والفضاء
التكنولوجي الرحب.
إدا نحن نعيش حالة اغتراب حتى في إطار الأسرة الواحدة
متعددة الأفراد، ومن لا يتقن فن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعية أو يعاني من -
أمية التكنولوجية ـ فهو في عيشة هاوية،
وما أدراك ماهية ، ليالي مظلمة وجدران صامتة.
ولعل البحث عن الوحدة شيء محبب لدى البعض ، وشيء طبيعي
أن تسعى لتكون وحيدأ مع نفسك حين تفكر بالكتابة أو الرسم أو التحليق بالخيال أو لترسم
لنفسك المستقبل الذي تحلم به. وهي بمثابة فرصة لتهتم وتركز على اشياءك وأفكارك واهتماماتك الخاصة بك.
وبات من المؤكد بأن من السهل
أن تشعر بالعزلة عن الآخرين كأنك لا تنتمي إلى أي فئة اجتماعية، رغم كثافة العالم
حولك ، فإذا كان لديك هذا الشعور، فأعلم أنك لست الشخص الوحيد، فعدد كبير من الناس
يشعرون بالوحدة أكثر من أي وقت مضى.
فنحن نعيش في هذا العصر - عصر التكنولوجيا - أصبحنا
منغمسين بعالمنا الخاصة بحيث بتنا ننسى الآخرين ونتجاهلهم عن غير قصد
وقد لا نعني بالوحدة بعدد الأشخاص الذين حولك أو قلتهم ، فالمفهوم
أوسع وأكبر من ذلك، فقد أفتقدنا إلى الصديق والحبيب والقريب والبعيد، وأصبحت
أفكارنا ومشاعرنا تدور في فلكنا الخاص بنا وفي ذواتنا، أصبح كل منا يتألم لوحده
ويبتسم لذاته، لا أحد يصغي اليك ويهتم
بمشاعرك وأحزانك أو يشارك بأفراحك..هذه هو واقعنا .. وكلما كبرنا بالعمر زاد
الشعور بذلك.
فما علينا إلا أن نعترف بالواقع وعليك أن تتعلم كيف تكون
سعيدا لوحدك، لا نريد صنع المعجزات ولا انجاز علمي للحصول على براءة اختراع ، لكن
ما يهمنا هو كيف التعامل مع هذه الجدران الصامتة
في إطار وحدتك.
وحتى لا نعيش أجواء تشاؤم ، علينا أن نحول مشاعر الوحدة
إلى انتصار للذات والتغلب على غالبية الأفكار السلبية ونحول هذا الشعور إلى فرح ، ويجب النأي بالنفس عن الأشخاص الذين يشكلون مصدر طاقة سلبية وازعاج، وتذكر دائمأ بأنك سيد نفسك وصاحب قرار
تتحرك بمساحة واسعة كما تحددها أنت ـ ولا تفرض عليك، تطلق العنان لروحك ولمشاعرك في الوقت الذي تريد ، لا من يحاسبك
على شيء ، لهذا عليك دائما ترك مشاعرك تتدفق بحرية وتقبلها بكل صدر رحب، انتقي الأصدقاء بعناية ، أكتب ، ارسم ـ خربش، مارس
الرياضة بلهفة واعتبرها جزء من حياتك، جالس الكتاب، واعشق الورد، واشتم رائحتها
الزكية ، تعطر، راقص الكلمة واللحن، ارتدي
أجمل اللباس ، دلل نفسك وقدرها، قدم الدعم لنفسك واستكشف أعماق ذاتك، حافظ على صحتك النفسية والجسدية
والعاطفية يجب أن يكون دائما ضمن أولوياتك الرئيسية. هذا هو الانتصار والكفاح لأجل
النفس .