نعم، يوجد حرب، مشتعلة قاسية، آثارها معاناتنا، جوعنا، الغلاء المنتشر بيننا بسبب ارتفاع أسعار السلع والمنتوجات الأساسية، ليس فقط عندنا كأردنيين بل يشمل البلدان العربية من المحيط إلى الخليج، باستثناء من هم في عهد الثراء والبحبوحة وانتاج النفط.
نعم يوجد حرب، عابرة للحدود والشعوب والقوميات، إقتصادية بحتة على الأغلب، لم يكن سببها اجتياح روسيا إلى أوكرانيا، بل زادتها حدة ومواجهة وإتساعاً.
حرب بمبادرة أميركية تستهدف روسيا والصين أساساً، حرب التنافس التجاري والتفوق الاقتصادي ، وهذا ما يفسر أن الولايات المتحدة تسعى إلى فرض التهدئة الأمنية، وإزالة ظواهر العنف لدى العالم العربي ومعه وبه ومن حوله، كي يكون العالم العربي جزءاً من هذه الحرب الاقتصادية وأحد أدواتها لدعم التوجهات الأميركية وسياساتها، في مواجهة روسيا والصين، وهذه واحدة من دوافع بايدن لزيارة العالم العربي واللقاء مع قادة الخليج العربي بحضور أردني مصري عراقي.
فرض خيار التهدئة الأميركي شمل إيران، ولهذا تم إستئناف اللقاءات الإيرانية الأوروبية، ومن ثم الإيرانية الأميركية، بشأن الإتفاق النووي، وإن كانت التهدئة الأميركية تصطدم بالتحريض الإسرائيلي، أما القلق الخليجي فهو يتراجع تدريجياً مع نجاح الوساطة العراقية بين طهران والرياض.
حرب إقتصادية تصل أثارها لنا و علينا فندفع الثمن، مما يتطلب سرعة التركيز واليقظة حول هدف تحاشي تداعياتها على شعبنا الموجوع، والاستفادة من الدفع الأميركي نحو طلب مساعدة بلدان الخليج العربي المستفيدة من إرتفاع أسعار النفط والغاز بسبب الحظر المفروض على روسيا، للبلدان العربية التي تحتاج لهذه المساعدة.
البلدان الصناعية الكبرى السبعة المجتمعة في المانيا، إتخذت مزيداً من الإجراءات العقابية ضد روسيا، مما سيزيد من حالة الحرب الاقتصادية المشتعلة، وتزيد من متاعب الدول الفقيرة وإفقارها.
هامش من الحرية وإستقلالية القرار استفادت منه بلدان، جراء الاهتمام الأميركي باتجاه العداء نحو روسيا، فهل نستفيد من القمة العربية الأميركية في جدة خدمة لمصالحنا الوطنية في فلسطين، كما عبر رأس الدولة جلالة الملك في حديثه للرئيس الفلسطيني أن الأردن سيعمل على وضع القضية الفلسطينية في مقدمة القضايا السياسية والإقليمية على أجندة قمة جدة.
أولويات العرب في قمة جدة مقسومة لاهتمام فريقين:
الأول الاهتمام الخليجي نحو إعطاء الأولوية لمواجهة إيران بهدف وقف تدخلاتها العربية.
والثاني الاهتمام الأردني المصري يتجه نحو الموضوع الفلسطيني، ومواجهة سياسات المستعمرة الاحتلالية التوسعية في فلسطين والجولان السوري، وهذا ما سيفرض نفسه على القمة باتجاه الشرق نحو إيران، وباتجاه الغرب نحو المستعمرة.
يسعى الأردن إلى لملمة الأوراق وإيجاد القواسم المشتركة بين الاهتمامات العربية، وحشد الموقف الجماعي، خدمة للمصالح القومية العربية في مواجهة ما يمس الأمن القومي العربي من قبل المستعمرة، و من قبل الأطراف الإقليمية المحيطة بالعالم العربي، بفرض هيمنتها ومصالحها وأولوياتها على حساب العرب وكرامتهم.
وسواء القمة الإسلامية الأميركية السابقة في عهد ترامب يوم 22/5/2017 في الرياض، أو القمة العربية الأميركية المقبلة في جدة، تمسك الأردن وسيواصل، بأولوياته الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية،فهل تتجاوب القمة المقبلة مع الأولويات الأردنية؟.