الذاهبون الى الجنوب وبالتحديد الى العقبة ، نادرا ما يلتفتون يميناً او شمالاً ، بل يضعون بنصب اعينهم فقط الوصول الى العقبة وباسرع وقت ، لا بل يضعون انفسهم بتحدٍ امام الصحراءالممتدة بتبريز عناء اجتيازها وصفع كثبانها بدل تجربة سلمها وممارسة محبتها .
ان في ذلك لتجن ٍ كبير من قوم لا يعدلون ولا يتذوقون مواطن الجمال وقمم التلال يميناً وشمالاً ، متفقٌ عليه دون جدال .
قبل الوصول الى مدينة معان بما يقارب ٣٦ كم وعلى اليمين وباحضان السهول الصحراوية الشاسعة يربض 《جبل عنيزة 》بلون حجارته البركانية حالكة السواد وهي كذلك منطقة أثرية تحتوي على محطةٍ لقطار الحجاز وقلعةٍ عثمانية ، مر بها المؤرخ محمد بن طولون الصالحي في رحلته إلى الحج سنة 920هـ/ 1514م .
تغنى بها التراثيون باشعار واهازيج الهجيني ؛
ابرزها واكثرها شهرة :
من راس عنيزة زعقت الصوت
واهدي على القلب لا يطيري
ابـــو ثــنـايــا ذهــب يــاقـوت
رز بـحلـيـب المـزاغـيـري
ذبحتنـي يالـغضـي بـسـكوت
مـيـر هذا كار المحـبيني
يا علي علــيـتـني وأقـفـيت
خــذنـي معـك لا تخليني
من عقبك وش مقـعدي بالبيت
سـوون علـي دواويني
يـا شــوق حـبـك قبل لاموت
قــبل لا يدور على غيري..
ان على المارين من سفح الجبل التوقف قليلاً ثم الصعود الى قمته والقاء تلك الاهزوجة بصوت عال وبصدر منشرح وقلب منفتح حينها سيشعر بالخروج من بوتقة الزمن الراهن بآلامه وأوجاعه ويدخل كبسولة التاريخ مسافرا عبر عبق الماضي بصفائه ونقائه وزهو حضاراته .
ستهب عليه عواصف طاقة متجددة لا تبعثها سواحل البحار ولا مفاعلات الأمواج أنتجتها ذرات الأنشطار .
وبعد قفل باب المتعة بمغادرة المكان ولحفظ المزاج من الغثيان بحت ُ بهذه الكلمات البسيطة :