ربمَّا عصرُنا الحاضر من أكثر العصور التي بلغ فيها حبُّ الظهورِ أوجَه، فأصبح ما يتحكم بحياة الناس هي المظاهر الخارجية والخادعة أحياناً والتي تعبِّر عن نقص في داخلها وكأنها تعوّض عمّا ينقصها بأمور أقل أهمية وأقل فائدة. هذا بدلاً من العمل والسعي لأجل تحقيق الذات، وهذا لا يكون ولا يتأتى إلا من خلال العمل الجاد والجهد والمثابرة والجهد الفكري الذي ينتج عنه إبداعات وإنجازات تكون مصدر الفخر والتقدير من قبل الآخرين والمجتمع.
لذلك، لا تغرّنا المظاهر الخارجية لأنها قد لا تعطي الصورة الحقيقية عن الإنسان وقد تكون مجرد قناع مزيف لما يكون عليه الإنسان حقيقة. وما يهمّنا هي الطريقة التي يفكر بها الإنسان، والعمل الذي يقوم به، والذي يشكل الأساس في الحياة وتطورها والنهوض بها مهما كان ذلك العمل متواضعاً فهو يشكل قيمة كبيرة ويعطي للإنسان كرامة ومقداراً ويجعله يستقل بذاته عن أية تبعية أو عبودية أو استغلال.
فالإتكالية تكبل حياة الإنسان وتجعله تابعاً من غير إرادة ومن غير حرية، وتقتل عنده الإبداع والإتيان بما هو جديد وبما يسهم في خدمة الآخرين. فكم هو جميل أن تتحلى حياتنا بالعمل الجاد والمخلص والأمين لأنه بالدرجة الأولى يشكل العملُ الطريقَ الوحيدَ لتحقيق الذات وتلبية الطموحات ويلبي شغف القلوب ويعطي حالة من الرضاء الذاتي والفرح والسلام الداخلي، ففي العمل نرتقي للمجد وللعلى.
وأجمل ما في الإنسان طريقه تفكيره، فالكيفية التي يفكر بها الإنسان تعكس مدى ثقافته وعلمه وخبرته واطلاعه، فلا يكون ناقلاً وإنما متفاعلاً مع معطيات الحياة الجديدة المتغيرة والتي تتطلب قدرة ذهنية كبيرة على التحليل وتمحيص المتغيّرات والإتيان بما يتناسب والمرحلة، طبعاً من غير المّس بالقيم والمبادئ والثوابت التي تقوم عليها حياتنا.