مبادرات كثيرة ، وخطط اكثر ، ولجان بمسميات متعددة ، منها لجان ملكيه ورئاسية ووزارية ، وغيرها من المسميات الداعية للتطوير والاصلاح والتنمية الاقتصادية والادارية والسياسية والاجتماعية ، لكن مع كل هذه الخطط والمشاريع فان النتائج لا تعدو ان تكون كمن يخض قربة ماء يريد ان يستخرج منها الزبدة والدسم !!!
وسائل الاعلام التي يجب ان تثقف الناس وتؤثر فيهم وتتحدث عن اوجاعهم ونقل معاناتهم هي الاخرى اصابها الفساد والعوار ( الا من رحم ربي ) حيث لم تعد تتحدث بموضوعية او حياد او منطق، بل اصبحت تنام في حضن الحكومات وتحت سلطة القبضة الامنية.. تحرك بالرموت مثل الرجل الالي او طائرة الدرون ، حيث هي جاهزة للاغارة على كل صوت ينشد الحق والعدل والصراحة في القول والعمل، ويؤشر على الفساد والمفسدين في الوطن .
كل هذا ادى الى فقدان المواطن الثقة التامة بالاجهزة الحكومية والاعلامية وعمليات الاصلاح المنشود ، وقد بدأ يطرح تساؤلات مشروعة: هل اصبح الوطن غير قابل للاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري والاجتماعي ؟!
لقد نجم عن هذه السياسات غير المجدية ظهور حالات احباط فردي وجماعي، وبروز العنف المجتمعي الذي بدأ في الانتشار في قرى ومدن الوطن، وقد باتت هذه الظاهرة مزعجة وملفته للنظر ، حتى انها وردت خلال التقارير الدولية التي تنشرها المنظمات الدولية المعنية بالقضايا الحقوقية في العالم ، حيث طالب المرصد الاورو متوسطي المجتمع الدولي "بدعوة السلطات الاردنية الى الالتزام بتعهداتها الدولية فيما يتعلق باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها ، وضرورة وضع سياسات واضحة للتعامل مع العنف المجتمعي والبطالة والفقر وحرية العمل النقابي” . وذكر التقرير ايضا "ان الحكومة ملزمة بموجب المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان بضمان حق الفرد في مستوى معيشي يكفي لضمان الصحة والرفاعية له ولاسرته وخاصة على صعيد المأكل والملبس والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية” .
حيرة المواطن الاردني تتجلى حاليا في تساؤلاته اليومية: الى اين يسير الوطن ؟!
ففي ظل الظروف الاقتصادية الحادة وزيادة نسب البطالة الى 50% وقضايا نقص المياة وارتفاع المحروقات وغلاء المعيشة ، اضافة الى قضايا الحريات العامة والراي العام المقيد ولجم صوت المعارضة تارة بالترهيب او بالترغيب ، لقد كانت جائحة كورونا خير مدرسة للاستفادة من نتائجها وتحويل التهديدات التي واجهة الوطن الى فرص نجاح كان من الممكن البناء عليها انجازا انتاجيا من خلال ايجاد رؤية للوطن واضحة المعالم لما يعانيه من مشاكل ، يعقبها ثورة وطنية عملية تنفيذية في كل مناشط الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسواعد اردنية وطنية للخروج بنهضة شاملة تحقق التنمية بمجالاتها المختلفه وبمدد زمنية محددة تؤمن الاستقرار والامن للوطن ، ولكن أنى يكون ذلك !؟
المطلوب الان من كل القوى الحية في الاردن – الوطنية والقومية والاممية – التوافق على رؤيا واضحة المعالم واليات ووسائل قابلة للتنفيذ من اجل تصليب الجبهة الداخلية الاردنية للبناء عليها مشروعنا الوطني المشترك والمتوافق علية لمواجهة المشاريع الصهيونية التوسعية والمنوي تنفيذها في فلسطين والاردن فيما بعد ، ان بناء الوعي الجماهيري الاردني لما يخطط له في ظل تأمر دولي وعربي عليه لهذا فعلى الشعب ان ينهض من سباته العميق ويعد نفسه ووسائله للدفاع عن وطنه وارضه وهويته – فعند الغارة لاينفع العليق – فالعمل والتخطيط المسبق مع وضوح الرؤيا نحصن شعبنا ونحمي وطننا من سؤء الطالع وما يخطط له في الغرف المظلمة .