كان للشيخ حمد بن جازي اهتمام واضح تجاه القضايا والشؤون العربية وعلى تفاعل دائم ومستمر فقد كان بعد المؤامرة على الحكم العربي أن شارك بجميع المؤتمرات الشعبية التي عقدت في الجنوب الاردني للتنديد بالمؤامرة على مستقبل الموجود العربي سياسيًا وجغرافيًا وتاريخيًا وشارك بالتوقيع على العرائض الاحتجاجية على سلوك الحلفاء تجاه العرب .
كان مؤتمر" الجفر" اول المؤتمرات التي كشفت النوايا العشوائية على الأمة العربية وعلى عروبة فلسطين وقد عُقد هذا المؤتمر التاريخ يوم 8حزيران 1920م في ديوان الشيخ عوده ابو تايه وشارك فيه معظم القبائل والعشائر الاردنية في الجنوب الاردني ومن بينها : الحويطات,والحجايا ،وبني حميدة ,والطراونة والشراري وتراس المؤتمر الشيخ عودة أبو تايه وحضره حوالي 150 شخصية وطنية .
وناقش أعضاء المؤتمر القضايا التالية :
اولًا : العلاقات العربية _البريطانية في ضوء السياسة البريطانية الجديدة تجاه العرب والمخالفة لأصول التفاهم الذي كان قائمًا قبل الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى بينهما وبين الشريف الحسين بن علي والعمل على إعادة الثقة بين الطرفين من منطلق الحرص على الصداقة التي كانت .
ثانيًا :مناقشة بيان الحكومة البريطانية ومنشور حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين والمتضمنين فصل فلسطين عن سورية الام تنفيذًا لوعد بلفور المرفوض عربيًا واسلاميًا والمعطى بغير حق للحركة الصهيونية على حساب الشعب العربي الفلسطيني .
حيث ان هذا الوعد المشؤوم يخالف العهد والعهود، مثلما يخالف التاريخ والجغرافيا.
ثالثاً: الدعوة لعقد مؤتمر عام يناقش قضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يشارك فيه زعماء ومشايخ ووجهاء المناطق الأردنية من تبوك حتى درعا، ووضع العرب أمام مسؤولياتهم التاريخية والقومية تجاه المقدسات العربية والإسلامية.
• بيان مؤتمر الجفر
في نهاية أعمال المؤتمر، صدر البيان التاريخي التالي:
احتجاج مشايخ شرق الأردن
إلى الجنرال بولز، حاكم بلاد العدو المحتلة الجنوبية على إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمرنا بالتقوى والصلاة والسلام على أنبيائه الذين كانوا مناراً للعدل والإنصاف.. أما بعد، فقد اطلعنا على المنشور الذي أذاعته حكومتكم الموقرة أمام طائفة من أعيان القدس في ٢٢ شباط ١٩٢٠م، والمتضمن فصل فلسطين عن سورية المتحدة، وجعلها وطناً قومياً لليهود. فساءنا هذا الأمر كل الاستياء، لأنه جاء متناقضاً مع رغائب الأمة التي صرحت مرارا عديدة أنها ترفض فكرة الوطن القومي لليهود بالمرة، ولا نخفي عليكم أن هذه القرارات التي جاء ذكرها في بلادكم، والمتقدم ذكرها، جعلتنا نرتاب 4 حسن نوايا بريطانيا العظمي التي خضنا وإياها غمرات الحرب، وتكبدنا معها المشاق والأهوال في سبيل نجاح قضيتنا المشتركة..
وبما أننا شديدو الرغبة في الاحتفاظ بتلك الصداقة، وفي تمكين عرى التحالف والوداد، فقد رأينا نحن شيوخ القبائل ورؤوساء العشائر القاطنون وراء نهر الأردن
والبحر الميت أن نضع امام أنظاركم البنود التالية:
أولا: فلسطين عزيزة علينا. ولذلك، لا نرضى بوجه من الوجوه أن يغتصبها اليهود
۲۱۸
الدخلاء منا.
ثانياً: فلسطين مقدسة لدينا، ولذلك، لا يمكننا أن نغض الطرف عما يحيق بها من
الأخطار.
ثالثا: إن الخطر الصهيوني الذي يهدد كيان فلسطين من شأنه أن يهدد كيان الأمة
العربية جمعاء.
رابعاً: لقد أثبتت المظاهرات التي قام بها أبناء الوطن في جميع
أنحاء البلاد،
والاحتجاجات الشديدة، التي رفعت إليكم وإلى المقامات الأوروبية في ظروف
مختلفة، أن الأمة العربية ترفض الهجرة الصهيونية وفكرة الوطن القومي اليهودي
رفضاً باتاً، وتأبى أن تغدو فلسطين فريسة للمطامع الأجنبية، وهي مستعدة للدفاع
عن هذه الوديعة المقدسة؛ وديعة الآباء والأجداد بما لديها من قوة، فليس من العدل
أن يضربوا بمطالبها ورغباتها هذه عرض الحائط..
خامساً: لا يسعنا نحن عربان شرق الأردن، إلا أن نركض عند مسيس الحاجة لنصرة
إخواننا الفلسطينيين الذي يئنون تحت عبء الاستعمار الصهيوني البغيض، لأنهم
إخواننا في الدين والوطن والمبدأ واللغة والقومية.
وبناء على ما تقدم، رأينا من واجبنا أن نبعث إليكم احتجاجنا هذا متنصلين من
كل تبعة تنجم عن أمثال هذه القرارات، ونضيف إلى ذلك أننا مستعدون لبذل دمائنا
وأرواحنا في سبيل أوطاننا التي نراها مهددة بالأخطار من كل جانب.. والله من وراء
القصد يرسل النصر لمن يشاء من عباده، وهو أرحم الراحمين... في ١٩٢٠/٥/٨م)