في بحثه الذي نال الجائرة الأولى عن القدس في مسابقة إتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين السنوية ألقى الباحثُ الدكتور مهدي فكري العلمي الضوءَ على جذور العشق المغربي للقدس والمتمثلِ أولا، في إكمال فريضة الحج والتبرّك من المدينة المقدسة. ثانيا، طلبِ العلمِ والمعرفةِ كما في رحلات عدد من الرحالة المغاربة ومنهم ابن عربي، وابن خلدون، والعياشي، وابن بطوطة، وابن عثمان المدعومَ من الحاشية الملكية للملك محمد الثالث جد ملك المغرب الحالي محمد السادس. ثالثا، في الإمداد العسكري بعدد من الفرسان والمشاة والأساطيل البحرية قوامها 15000 جندي إلى القائد صلاح الدين الأيوبي لتحرير القدس من أيدي الفرنجة عام 1187م. ورابعاً، في وكالةِ بيت المال المنبثقة عن لجنة القدس سنة 1998 والتابعة لمنظمة العالم الإسلامي دعماً لصمود المقدسيين والحفاظ على موروث القدس الثقافي والحضاري والحفاظ على عروبة القدس.
من جانبه أثنى معالي الأستاذ محمد داودية، رئيس مجلس إدارة جريدة الدستور الأردنية، وراعي الحفل، والسفير الأردني الأسبق إلى المملكة المغربية لست سنوات، على بحث جذور العشق المغربي للقدس كما جاء في البحث واصفاً إياه بأنه يماثل أن لم يَقِّلَ عن العشق الأردني للقدس وفلسطين، فالقدس وعمان توأمان وستبقى القدس عربية ومحط أفئدة العرب المسلمين والمسيحيين وبأنَّ الصراع على القدس لن يتوقّف على الإطلاق. فمنذ العشرينات انطلقت فصائل من العشائر الأردنية من كل القرى والمدن والبوادي للدفاع عن عروبة فلسطين واستشهد على الفور وقتها كايد مفلح العدوان كأول شهيد أردني على أرض فلسطين.
وفي خطابه الشهير عام 1979 قال جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عندما توجهت الأمة العربية كلُّها للقتال في أفغانستان لمواجة المّد الشيوعي قائلا: " القدس قبل كابول". وفي سنة النكبة توجَّهَ 10000 عربي مقاتل للدفاع عن فلسطين نِصفُهم من الأردنيين حيث استشهد منهم 1000 جندي أي بواقع 20% مما يفسر حالة العشق الأردني لفلسطين كجزء من بلاد الشام ومن الدولة الفيصلية عام 1918.
وأما في العالم 1967 وبعد أن وقعت الهزيمة في 5 حزيران فإن الحامية الأردنية في تل الذخيرة في الشيخ جرّاح بقيت تقاتل في 6 حزيران حتى آخر جندي وضابط، فقد اشتشهد على الفور 97 جندي من أصل 101 والبقية الأربعة أسروا جرحى.
ومما هو جدير بالذكر أنه في الثلاثينات من القرن الماضي ودعماً للثورة الفلسطينية أرسل القائد الكبير عبد القادر الحسيني شخصين أحدهما إميل الغوري إلى شرق الأردن إلى أحد زعماء قبيلة بني صخر وهو حديثه الخريشا لشراء سلاح للمقاومة الفلسطينية بقيمة 5000 دينار ذهب، فما كان منه إلا أنْ أرسلها لهم ورد مع هذه الأسحلة قيمة المبلغ طالبًا منهم عدم فتح الزوادة التي سلمهم إياها قبل أن يتعدَوا وادي شعيب.
فكل هذه الأمثلة ما هي إلا جزء يسير من آلاف الدلائل على وحدة الدم الأردني والفلسطيني والإستعداد للإستشهاد في سبيل فلسطين. وقد أشار معاليه إلى الإحتلالات التاريخية التي عصفت بفلسطين وعددها 44 إحتلالاً وزال منها 43 إحتلالاً وبقي إحتلال واحد مصيره إلى زوال بحكم التاريخ.
علاوة على كل ما ذكر، فإنَّ جذور العشق الأردني لفلسطين يجسده الهاشميون فقد ضحى الشريف الحسين بن علي بعرشه للحفاظ على القدس وفلسطين فنفي إلى قبرص وأما قبره فإحتضنته جنبات المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف، واستشهد جلالة الملك عبد الله الأول على عتبات المسجد الأقصى لوفائه لعروبته ولفلسطين والقدس، وبذل الملك الحسين طيب الله ثراه الغالي والنفيس للحفاظ على عروبة فلسطين وصون مقدساتها ودعم صمود أهلها، وكذلك دور جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في دعم القضية الفلسطينية واستمرارية الوصاية والرعاية الهاشمية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية والتي يحظى جلالته بشرف حملها.
فجذور العشق الأردني لفلسطين متأصلة وحقيقية وأبدية كجذور العشق المغربي والعربي.