نيروز الإخبارية : برعاية وزيرة الثقافة وبمناسبة الاحتفال بإربد العاصمة العربية للثقافة لعام 2022، أُقيم حفل افتتاح ملتقى عمان الثقافي الثامن عشر "العلامة ناصر الدين الأسد:شيخ اللغة العربية وسادنها"، احتفاءً بمرور مئة عام على ولادته.
وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات خلال افتتاح جلسات الملتقى الذي أُقيم في مركز إربد الثقافي "إنني سأتحدث عن سادن اللغة العربية الجميلة ناصر الدين الأسد، هذه الشخصية التي عشقها الأردنيون، وارتبط اسمه باللغة العربية والجامعة الأردنية. ويزيد حملي أكثر وأكثر لأنّني سأتكلم نيابةً عن الجامعة الأردنية، فلكم أن تتخيلوا وتدركوا ورطة طبيب يريد التكلم عن التقاء عظام ثلاث: إربد والجامعة الأردنية وناصر الدين الأسد".
وأضاف قائلًا " فقد جئتكم اليوم ممتطيًا سحابة من عشق ومحبة ووفاء، وحاملا معي ستين عامًا من المعرفة والعلم والإنجاز والفضاءات الرحبة، هي عمر الأردنية المديد، وقابضًا على أثر من أشواق وأحلام وآمال أكثر من مئتين وخمسين ألف خريج هم رسل الأردنية إلى العالم كله".
وتابع عبيدات "ولأننا اليوم في إربد ونتحدث عن كبار وعظام في الثقافة والشعر والأدب، فلا بد أن يحضر اسم ترفرف روحه قريبًا من هذا المكان، إنه مصطفى وهبي التل، فالوفاء لناصر الدين الأسد لا يستقيم إلا باستدعاء عظيم آخر يُعدّل كلماتي، ويقوّم حروفها المرتعشة، وهي تسير في خط الكتابة والتذكر والوفاء، ونحن على ما قلته يا عرار، إذا أودينا محمّلين على الأكتاف لا نرتضي إلا بتراب هذا الوطن مُستقرًّا ومُقامًا في تل إربد أو في سفح شيحان".
ولفت إلى إن الحديث عن ناصر الدين الأسد في عاصمة الثقافة العربية يمنحه بعدًا آخر؛ لأن الثقافة تجلب السعادة وتوفر بعض الإجابات عن الأسئلة المعقدة حول المستقبل الوجداني للبشرية. ولأن الثقافة مرتبطة بالإبداع، فإن أصحاب الأعمال أصبحوا مضطرين للاعتراف، وبشكل متزايد، بكل أشكال الإبداع بوصفها مهارة وقوة حيوية، ممّا يهيء للشعوب المبدعة في الثقافة مستقبلًا أكثر عدلًا ورفاهيةً وجمالًا.
وأكد عبيدات أن ناصر الدين الأسد مُنشئ الجامعة الأردنية، أسّس فيها قيمًا وأعرافًا أكاديمية وروحًا ومعرفة، أضعاف ما تأسّس فيها من مبان وقاعات ومدرجات.
وأشار مخاطبا ناصر الدين الأسد "أن الأردنية ما زالت على غرسك وعهدك ونهجك القويم. فهي في أعلى قائمة التصنيفات العالمية، وأساتذتها يحفظون وصاياك وكلماتك في الحفاظ عليها، والوصول بها إلى معارج من نور وإنجاز وعطاء، وطلبتها يرددون شعرك ونثرك في قاعاتها وطرقاتها وتحت سروها، ويجسلون لساعات في أكبر قاعة في مكتبتها تحمل اسمك، ومكتبتك عامرة بالنسخ الأولى لأمهات الكتب التي تبرعتَ بها لجامعتك، ويسعون بكل ما أوتوا من عشق لأن يكونوا صورتها الناصعة، وانعكاسها الجميل في العالم كله".
وتابع في خطابِه الموجّه للأسد مشيرًا إلى أنّنا ندرك في جامعتك عظم التحديات التي تشكل جزءًا من تحديات التعليم بمستوياته كلها، حيث تغيّر العالم بفعل الثورة التكنولوجية وعاصفة جائحة كورونا وما آلت إليه من آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية، لكننا على العهد؛ ستبقى الجامعة شامخةً عاليةً بهمة أبنائها ودعم قيادتنا الحكيمة.
وختم كلمته مشيرًا إلى أنّ ناصر الدين الأسد مر على ولادته مئة عام وعلى ولادة الدولة الأردنية كذلك، لافتًا إلى أن السعي إلى العلا ما زال هم الأردنيين، وطريقهم إلى المجد والبناء والبذل والعطاء.
بدورها، أكدت وزيرة الثقافة هيفاء النجارأن الملتقى يحمل في دورته هذه عنوانا مهما وكبيرا احتفاءً واستذكارًا لقامة وعلم من أعلام الوطن، العلامة الدكتور ناصر الدين الأسد.
وأشارت إلى أنه تقديرا وعرفانا لواحد من رموز الثقافة العربية الكبار-الراحل ناصر الدين الأسد– السفير والوزير وأستاذ الشرف في اللغة العربية وأحد مؤسسي الجامعة الأردنية، المفكر والناقد الحصيف الذي ترأس العديد من المجامع والمجالس الفكرية والحضاري، حيث شغل عضو مجلس أمناء العديد من الجامعات، وهو من النقاد والمفكرين الكبار الذين التزموا بالمنهج العلمي في أطروحاتهم وأبحاثهم، والذي تجلى في مجمل نتاجاته الأدبية والنقدية، كما في كتابه الجدلي المهم "مصادر الشعر الجاهل"، وكتابه "الشعر الحديث في فلسطينن والأردن"، "ونحن والعصر" ارتأى الملتقى الاحتفاء بشيخ اللغة العربية الدكتور ناصر الدين الأسد.
وتوقفت وزيرة الثقافة للحديث حول كلمة رئيس الجامعة الأردنية التي فاضيت بمعاني جسدت شخصية ناصر الدين الأسد الذي يعد مشروع امل مستدام ونموذج انساني عقلاني وفكري وأخلاقي وروحاني ونموذج يحتذى به، فهو مشروع نهضة قدم الأردن بكبرياء للعالم العربي بعلمه.
وفي السياق نفسه، تحدث الدكتور محمد حور من مجمع اللغة العربية عن العلامة الدكتور ناصر الدين الأسد، الذي يعد واحدا من الأعلام القلائل، وواحدا ممن تقلدوا أرفع المواقع القيادية، تقديرا لعلمه، فالاحتفال بمرور مائة عام على ولادة ناصر الدين الأسد هو احتفال باللغة العربية التي كانت هاجسه، وهو احتفال بمجمع اللغة العربية الأردني، الذي يعتز بعضويته فيه.
وفي كلمة ألقاها المهندس بشر بن ناصر الدين الأسد، قال فيها "إن الأمم الحية تحتفل بأبنائها المبدعين، واحتفالية اليوم إنما هي علامة وفاء لمن شاركوا في بناء الدولة الحديثة في الأردن".
وأضاف أن ناصر الدين الأسد كان شخصية عامة تقلدت مناصب عليا عديدة في الأردن؛ فهو الرئيس والمؤسس والسفير الدبلوماسي والوزير ورجل الدولة.
وأشار إلى أن رجال الفكر المبدعين ثروة حقيقة للأمة جميعها، فالتكريم الحقيقي لذكراه هو ما يمتد ليشمل إتاحة الفرصة لتلاميذه وطلبة علمه للاستمرار في النهل من فكره وحمل رسالته لأجيال قادمة، وذلك عن طريق مثل هذه الاحتفاليات، وعن طريق التعريف بمنهجه العلمي والأخلاقي ونشر أبحاثه وكتبه التي ما بخل بها أثناء حياته وبعد مماته.
وتناول الملتقى في جلسته الأولى التي أدارها الدكتور صلاح جرار "جهود الباحثين القدامى والمحدثين في جمع شعر القبائل" في هدي كتاب "مصادر الشعر الجاهلي" للدكتور ناصر الدين الأسد، قدّمها الدكتور خالد ناجي، والمرايا المتقابلة: طه حسين وناصر الدين الأسد نمط - مخيف نمط أليف، قدمها الدكتور أيمن ميدان، و تمثلات الذات والآخر في شعر ناصر الدين الأسد قدمتها الدكتورة امتنان الصمادي، وناصر الدين الأسد نبراس البحث العلمي أكاديميًّا قدمها الدكتور عبد القادر الرباعي.
فيما تناولت الجلسة الثانية من الملتقى التي أدارها الدكتور أيمن ميدان، ناصر الدين الأسد الأكاديمي المثقف قدمها الدكتور صلاح جرار، واللفظ القرآني بين تناقض العلماء وقلق المعنى: ناصر الدين الأسد في كتابه ألفاظ القرآن الكريم قدمها الدكتور عمر الفجاوي، ومنهج البحث العلمي عند ناصر الدين الأسد قدمها الدكتور إسماعيل القيام.