يخطئ من يظن أنَّ شفاء الجسد أهم من شفاء الروح، مع أن شفاء الجسد يحتلُ أهم مكانة في حياتنا، فما قيمة حياتنا ونحن سقماء، نعاني من أمراض تُقعدنا عن الحركة؟ ما قيمة الحياة بدون قدرة على الحركة والسفر والتمتع بخليقة الله الممتدة الواسعة والإستمتاع بجمال البلدان والتعرف على حضارات وثقافات متنوعة تثري الحياة البشرية وتكمِّلُها. لذلك فلا قيمة تعادل نعمة شفاء أجسادنا من أسقامها. ولأجل نيل نعمة الشفاء لا ندَّخِرُ جهداً أو مالاً أو ثروة إلا وقدمّناها في سبيل استعادة صحتنا وعافيتنا.
لذلك، على كل إنسان سليم أن يذكر نعمة الله عليه صباح مساء، فليس أهم من نعمة الصحة والعافية، فماذ ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر صحته وعافيته؟ ماذا ينفعه مال قارون وهو غير قادر أن يتحرك من فراشه؟ ماذا تعني له كل أموال الدنيا وهو يصرخ من شدّة الألم والمرض؟ فأكبر نعمة نحيا بها اليوم هي نعمة الصحة والعافية، والتي إن خسرناها خسرنا معها كلّ شيء.
وإذ ننتهز هذه الفرصة لنقول لكل الأطباء الشرفاء الذي همّهم صحةَ مرضاهم وشفاءهم لا جني الأمول الطائلة واستغلال حاجة الناس للشفاء، الله يبارك تَعبَ محبتكم وأمانتكم وغيرتكم على الوفاء بقسم مهنتكم الشريفة التي تُسهم في تخفيف معاناة الناس وآلامهم وإعادة البسمة إلى شفاهم.
والأهم من شفاء الجسد هو شفاء الروح، فالروح السقيمة هي التي تعاني من وزر الخطيئة الثقيلة السوداء التي حِملُها يفوق ثقل الجبال، والحياة معها تصبح قاتمة لا بهجة فيها ولا مسّرة، وتتحول كلُّ النقاط المضيئة في الحياة إلى نقاط مظلمة لا وبل تظلم الشمس في الأعين، ولا تعود تقوى على رؤية جمال الحياة كما أرادها الله، بل تمتلئُ ظلمةً وسوادءً وشراً وتتحول إلى عدو للخير وللجمال والحياة. ونعمة شفاء الروح لا تتحقق إلا بالغفران الإلهي الذي يفّك قيود أسرِنا الداخلية ويحرر نفوسنا من كل قيود الشّر فتنطلقَ حياتُنا من جديد لبناء عالم الجمال والحب والسلام.
فشفاء الجسد وشفاء الروح ضروران لحياتنا، ونسأل الصحة والسلامة للجميع.