في أمسية من امسيات الفرح الأردني في عمان وفي شهر تشرين بداية الخير والبركة والكل ينظر الى زخات المطر بأمل وتفاؤل، ابت يد الغدر والخسة الا ان تمتد الى عمان وتعكر فرحها وذلك الصفاء، وتقطع حبل الاحلام الوردية، لم تكن ليلة التاسع من تشرين الثاني من عام الفين وخمسة ليلة عادية بتاريخ الاردن والاردنيين، انها الليلة التي ابكت عيون عمان و وكانت صرختها المدوية تعلن ميلاد فجر جديد يؤكد للقاصي والداني ان عمان لا تتغير ويتجلى بكل وضوح وقوف الشعب والقيادة يد واحدة ضد الإرهاب، فمنذ اللحظة الاولى خاب وخسر مخطط الإرهابيين، فالتف الشعب والقيادة حول هدف واحد هو القضاء على تلك البذرة الخبيثة التي تربت في الوطن وانكرت خيره، لقد كانت تفجيرات عمان درس قاسيا للجميع لكنه مفيد جدا فعلى الرغم من الفاجعة التي فجعنا بها بشهداء تلك التفجيرات، الا ان حالة التكاتف بين مختلف مؤسسات الوطن مدنية وعسكرية وامنية عملت على تطويق الحادث بشكل سريع، فالدفاع المدني سجل رقم قياسي في سرعة التجاوب مع الحدث، واجهزتنا الامنية تعقبت الجناة والقت القبض عليهم بزمن قياسي أيضا.
نستذكر احداث عمان بحلوها ومرها لنعطي الاشارة لكل من تحدثه نفسه بالمساس في امن الاردن ان هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في الدفاع عن الوطن ونذروا ارواحهم رخيصة في سبيل رفعته وعزته انهم الرجال الذين لم يمهتنوا السياسة والتجارة التي الهت من اشتغل بها من باقي شعوب الارض عن ذكر الله اولا وعن الحفاظ على مقدرات أوطانهم وممتلكاتها ثانيا، في هذا الوطن الغالي على قلوبنا نحمد الله عزوجل ان سخر لهذا الوطن فتية امنو بربهم ووطنهم وقيادتهم ورغم ظنك العيش الذي يمرون به لم يراهنوا على الوطن كما راهن اثرياء الوطن ولم يدر في خلدهم يوما ان الوطن غنيمة وكعكة يجب ان يتقاسمونها لنفع الخاص وان تقاسموا فهم يتقاسمون مسؤولية حماية الوطن والدفاع عنه ان تفجيرات عمان بينت لنا الفرق بين القابضين على الجمر للحافظ على وطنهم والقابضين جوازاتهم وشنط سفرهم لمغادرة الوطن في اللحظة التي تتهدد مصالحهم.
ايها الوطن انت بخير ما دام بك احفاد وابناء جيل الخمسينات والستينيات الذي بذلوا الغالي والرخيص في سبيلا ان تبقى عزيزا معافى فما بين تفجيرات عمان في عام 1960 والتي راح ضحيتها الشهيد هزاع المجالي ورفاقه الى احداث عمان في 1970 الى تفجيرات عمان في عام 2005 والتي قتلت الفرحة في نفوس اهل فرح وعريسين طاهرين بقيت عمان زاهية لا تهزها العواصف والمحن, وتخرج دوما من كل محنة بدموع ولادة لغد جميل، لا شهقة احتضار، فمهما كان تخطيطكم وجهدكم لن تستطيعوا ان تزيلوا البسمة عن خد عمان الزاهي فقد تعهد الله عمان بفضل غيرة ابنائها وحرصهم عليها وفي كل حادث جلل لا بد ان نستذكر الاوفياء من مختلف الرتب والصنوف الذين لم يتركوا دمع عمان يذرف طويلا وردوا الصاع صاعين لمن حاول ان يعكر صفونا وكلنا امل ان تكتمل بسمة عمان بالقضاء على الفساد والمفسدين وان تبقى عمان عزيزة مرفوعة الراية، في ذكرى التفجيرات نتحدث عن المنفذين لها والذين اعماهم غيهم واتخذوا من الدين ذريعة لتلك العملية الهمجية نقول اتقوا الله وتذكروا وصية سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه للجيش (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا .ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا تعزقوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة .ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له)