اتفق خبيران تحدثا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن هناك حرب اقتصادية تدور رحاها حاليا بين الولايات المتحدة والصين حول السيطرة على سوق صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ولكنهما أكدا أن الهيمنة الصينية على تلك الصناعة الحيوية ستستمر لفترة نتيجة عدة عوامل.
- تهيمن الصين على سلسلة توريد بطاريات السيارات الكهربائية و79 بالمئة من القدرة على تصنيع بطاريات أيونات الليثيوم عالمياً، مقابل 5.5 في المئة فقط للولايات المتحدة، وفق شركة "بنشمارك مينيرال إنتليجنس" (Benchmark Mineral Intelligence)، التي تقدم خدمات استشارية متعلقة بالمعادن المهمة للحكومات.
- تتصدر أستراليا والصين على التوالي قائمة المنتجين الرئيسيين لليثيوم اللازم لصناعة البطاريات الكهربائية، بينما تملك الولايات المتحدة خامس أكبر احتياطي عالمي من المعدن لكن لا يوجد فيها سوى منجم ليثيوم نشط واحد فقط في سيلفر بيك بولاية نيفادا، وتواجه بقية المناجم مشاكل وتعقيدات خاصة بتصاريح التشغيل، بحسب وكالة بلومبيرغ.
تعقيدات إدارية في أميركا
الخبير الاقتصادي من واشنطن، موريس كغلر، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن السلطات الأميركية تسعى بالتعاون مع صانعي السيارات الكهربائية على وجه الخصوص، لتنفيذ خطة إمدادات محلية كاملة من بطاريات السيارات الكهربائية لتقليل الاعتماد على الصين.
وأوضح أن هناك مخاوف أميركية مستمرة من الاعتماد على بلد واحد في استيراد البطاريات الكهربائية أو المواد الخام اللازمة لصناعتها، بغض النظر عن تلك الدولة التي يتم الاعتماد عليها، ولأن معدن الليثيوم هو أساس صناعة البطاريات الكهربائية، فإن الولايات المتحدة تسعى بقوة لاستخراج هذا المعدن المهم من عدة مناجم منتشرة في أرجائها.
وتابع أن السعي لاستخراج الليثيوم محليا في الولايات المتحدة من أجل مواجهة هيمنة الصين على صناعة البطاريات الكهربائية، وكذلك لمواكبة توجه العالم نحو صناعة السيارات الكهربائية لأسباب بيئية ولارتفاع أسعار الطاقة، وكذلك لارتفاع قيمة هذا المعدن بنسبة 100 بالمئة خلال العام الحالي مما جعل قيمة استيراده مكلفة جدا.
وأشار إلى أن الإحصاءات تشير إلى الحاجة لمضاعفة إمدادات الليثيوم لخمسة أضعاف عالميا لمواكبة الزيادة الكبيرة في صناعة السيارات الكهربائية، ولكن أكبر التحديات في الولايات المتحدة تكمن في الحصول على التصاريح المحلية والفيدرالية لتشغيل مناجم الليثيوم.
وأكد أنه برغم تفعيل الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا لقانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950، لتشجيع الإنتاج المحلي للمواد الأساسية اللازمة للتحول في قطاع الطاقة، إلا أن هناك تعقيدات فيما يخص تصاريح مناجم الليثيوم لأن المعدن في الولايات المتحدة يوجد في مناطق محميات ومستنقعات وقرب منتجعات، مما يجعل هناك معارضة بيئية، وسيجعل الأمر يستغرق وقتا لتذليل جميع العقبات، إلا أن الولايات المتحدة عازمة على السير قدما في إنجاز المهمة.
سيطرة الصين متشعبة
فيما قال الخبير في العلاقات الصينية الأميركية، عامر تمام، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه بالنسبة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وهو الجزء الأهم في مجال السيارات الكهربائية عموما، وهي سوق واعدة عالميا، مما يجعل المنافسة محتدمة ليس فقط بين الصين والولايات المتحدة ولكن مع أوروبا أيضا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أخيرا أقرت حزمة مالية لدعم الشركات في مواجهة الصين بشكل عام، وتضمنت تلك الحزمة دعما مخصصا لصناعة السيارات الكهربائية وانتزاع الهيمنة من الصين في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية خلال السنوات المقبلة، ولكن مع ذلك ستظل السيطرة الصينية لفترة طويلة، لأن الصين أسست لتلك الصناعة بشكل صحيح واستعدت لهذا التنافس مبكرا.
وأوضح أنه وفقا للإحصاءات الأميركية نفسها فإن الولايات المتحدة تبني مصنعا لبطاريات السيارات الكهربائية كل فترة 4 أشهر، في مقابل أن الصين تقريبا تفتتح مصنعا كل أسبوع، مما يجعل الصين مسيطرة على أكثر من نصف سوق هذه الصناعة في العالم وحدها، بالإضافة إلى أنها أكبر مستهلك للسيارات الكهربائية والبطاريات الكهربائية في العالم.
وقال تمام إنه حتى إذا تحدثنا عن صناعة السيارات الكهربائية فإن شركة تسلا الأميركية هي الأكبر عالميا بلا منافس، ولكن الصين أدركت هذا الأمر مبكرا وافتتحت مصنعا كبيرا لـ تسلا بتكلفة 4 مليارات دولار في مدينة شنغهاي، وأصبح هذا المصنع هو الذي ينتج غالبية إنتاج تسلا حاليا، ومن ثم فحتى السيطرة الأميركية على صناعة السيارات الكهربائية أصبحت بأيادي صينية ومن خلال الصين.
وأكد أنه بالنظر إلى أن الصين تنتج 80 بالمئة من المعادن النادرة اللازمة لصناعة البطاريات الكهربائية مثل الليثيوم، وحتى مادة الكوبالت اللازمة كذلك لهذه الصناعة والتي تتركز 80 في المئة منها في الكونغو فإن شركات الصين أدركت ذلك وأصبحت هي التي تستخرج تلك المادة هناك، وكذلك تسيطر شركات الصين على استخراج مادة النيكل من إندونيسيا، ومن ثم أصبح في يد الصين معادن البطاريات والتكنولوجيا اللازمة لصناعتها.
وشدد على أنه برغم أن الصين أنشأت مصنعا لتسلا في شنغهاي، ولكنها أيضا افتتحت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية الخاصة بها، مستغلة الميزة التنافسية لديها وهي سيطرتها على صناعة البطاريات الكهربائية، وأصبحت الصين تنافس تسلا نفسها.