ذات زمن لعله بداية الثمانينات كان في جامعة اليرموك مسرح ملتزم، وكان جيلاً من طلبة الجامعة آنذاك يتمتع بالوعي، وأساتذة في الجامعة مبدعون في الأدب والمسرح والموسيقى !!
قدمت وقتذاك مسرحية "انتيجوني"
"للأديب لسوفوكليس" ومسألة التمرد على الإستبداد سواء كان مباشرا ً او غير مباشر
فالفن رسالة إنسانية تهدف إلى السمو بالإنسان والرقي باحاسيسه عبر غرس مفاهيم الخير والعطاء والجمال، وضرورة الكشف عن المجرمين أعداء الإنسان والحث على التصدي لشرورهم ومقاومتها، ونبذ كراهية الشر، والدعوة إلى محاربته.
الكتابة الإبداعية سواء جاءت في مقالة أو عبر عمل ملتزم شعراً أو نثراً أو مسرحاً، معنية بشكل مكثف في تعميق الوعي السياسي، وتنبه الى المخاطر المحدقة بالأوطان، ومحاربة قوى البغي والعدوان على الإنسان والمجتمع .
تذكرت اليوم أهم الأعمال الفنية في تاريخ المسرح التي تطرقت لهذا الشأن منذ قرون طويلة، وهي مسرحية "أنتيجوني” للمسرحي اليوناني (سوفوكليس) الذي يصور فيها الصراع بين الدين والقانون الوضعي ضمن معالجة لمسألة التمرد على المستبد من خلال صراع بين (انتيجوني) المرأة التي ترفض قرار الحاكم (كريون) بعدم دفن أخيها لانه لا يستحق أن يعامل بكرامة ويدفن لأنه يمثل الشر بمخالفته للسلطة، فيما يسمح بدفن أخيه الذي قُتل معه لأنه يُمثل الخير بحسب معايير ها آنذاك .
نبشت الرواية عن أمر مهم يتعلق في غياب الثقافة عن بعض من يتولون السلطة عندما يفقدون البصيرة، والحكمة ويصابون بالغرور والعناد والتخبط الناتج عن الإنفراد بالرأي والقرار الخاطئ، وعادة ينتهي مصير الطغاة كمصير "كريون" بالدمار، فيقتل الإبن نفسه وتتبعه أمه حزناً، وهي تلعن زوجها كريون الذي خرب الديار على مذبح شهوة التسلط والإنفراد بالرأي وممارسة القوة الغاشمة بدون وجه حق !!