تقدم الكاتبة الأردنية عائشة الكيلاني في كتابها "متى تعفو" مجموعة من النصوص التي تمثّل رؤاها لقضايا عامة تمسُّ في جوهرها علاقة الإنسان بالعالم الذي يحيط به.
وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 96 صفحة من القطع المتوسط، وأهدته المؤلفة "إلى كل أنثى.. على قلب أنثى واحدة، نهضن كافحن بذرن وقطفن ثمارهن، فأينعن ورودا تزهر الحياة بهن".
ونهجت الكاتبة خلال نصوصها نهج الكتابة الأدبية المليئة بالتشبيهات والاستعارات، ومالت إلى غير جنس من الأجناس الأدبية داخل النص الواحد؛ فظهرت نصوصها أحيانا بقالب قصصي، وأحيانا بقالب تغلب عليه الرؤى الشاعرية، وأحيانا أخرى تقيدت بالقالب التقليدي لفن المقالة الأدبية، مع حفاظها على انسيابية اللغة ومتانة العبارة.
ومن النصوص التي ظهر فيها أسلوب الكاتبة القصصي، نص "نفائس في بقعة الضوء" وفيه تقول: "فقالت إحدى القادمات: كنت معلقة في أحد المتاحف، وكنت أغلى قطعة؛ ينبهر الجميع بجمالي وبريقي، فجاء صاحبنا وعرض خدمة على صاحب المتحف فلم يستطع الرفض، وبادلني بمساومة دنيئة.
وقالت أخرى: أما أنا فكنت عند أحد سادة المنطقة، وقد وضعني على حائطه معتزا بي وبعراقتي. ثم جاء هذا التاجر فاستغفل مالكي وسرقني بسرعة وأنكر فعلته.
وقالت الثالثة: أما أنا فقد وُضعتُ في مزاد بعد إفلاس العائلة، واضطروا لعرضي في المزاد وأخذني ببخس المال".
وحرصت الكاتبة كذلك على الجانب الجواني في نصوصها، فتحدثت كثيرا من خلال الشخصيات التي ظهرت في نصوصها، لتعبر من خلالها عن حالات نفسية بعينها، أو تقدم عبرة من عبر الحياة. تقول الكيلاني في نص "الأسير الحر":
"اقترب منه الطائر قائلا: يا صديقي.. لمَ أنت في قفص؟ لو أرادك الله في قفص لما جعل لك جناحين، فأجابه الطائر الأسير: لم تتح لي الفرصة، وجدت نفسي مع صاحبي وأنا خلف القضبان، وقد رضيت وهذا قدري، ثم إنه يعتني بي ويضع لي الطعام ويحميني. ضحك الطائر متعجبا وقال: لو ذقت رحيق الزهور لما رضيت بفتات الخبز، ولو تمتعت بالحرية لما قنعت بالأسر، هناك يا صديقي خلف المروج جبال ووديان، تحلق هنا وتهبط هناك، تباغتك الصقور عاليا وفي الأسفل الجرذان، ولكننا نواجهها بمهارة وخبرة، ونحن في سربنا نهاجر ثم نعود للأوطان".
ومن الجدير ذكره أن الكيلاني تنشر نصوصها في صحف أردنية وعربية، وهذا الكتاب هو إصدارها الأدبي الثاني.