لم تغب مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى عن عين الاحتلال الاسرائيلي وخططه الرامية للتهويد، وطمس هوية المدينة الفلسطينية العربية الإسلامية، والمسيحية، ورغم كل الجهود التي تبذل فلسطينيا وأردنيا لحماية المدينة المقدّسة إلاّ أن مخططات الاحتلال مستمرة يوميا ضد القدس والمقدسيين، لا تترك حدثا أو مناسبة إلاّ وتمضي في خططها الاحتلالية.
الأيام الماضية، وخلال الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، استغل الاحتلال هذه المناسبة التي تأخذ طابعا دينيا واجتماعيا، ونفّذ عددا كبيرا من الخطط الاحتلالية، التي استهدفت المسجد الأقصى واقتحامات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، وتم الاستيلاء على أرض الحمرا منطقة العين التي تبلغ مساحتها خمسة دونمات من قبل المستوطنين تساندهم قوات كبيرة من الشرطة الاسرائيلية، علما بأن هذه الأرض تعتبر من النظام المائي لعين سلوان التاريخية، وكانت في الأصل بركتين كبيرتين لتجميع مياه العين والمسجد الأقصى، ولهذه الأرض ارتباطات دينية حيث تعود ملكيتها للدير، ليتم القيام بهذه الجرائم في أيام يعيش بها المقدسيون كغيرهم من شعوب العالم الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد.
وفي خطة خطيرة أخرى، وفق ما جاء في بيان الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، محذرة من تصاعد المحاولات الإسرائيلية لاستغلال أعياد الميلاد في مدينة القدس المحتلة؛ لتنفيذ مخططات تهويد المدينة المقدسة والسيطرة عليها، من خلال سعي بلدية الاحتلال إقحام نفسها في أعياد الميلاد وتوظيفها من أجل خدمة أهدافها التهويدية، من خلال تمويل فعاليات في عيد الميلاد تضفي عليها الطابع اليهودي واستقطاب إسرائيليين للمشاركة فيها، لتؤشر بذلك لخطوة خطيرة جدا تعمل على تنفيذها اسرائيل واستغلال خطير للأعياد بأن تستخدم أسلوبا قد يرى به البعض حسن النية، ولكن في واقع الحال في كل خطوة مكيدة وفي كل عمل سوء نية، ففي مثل هذه الظروف يجب أن يكون هناك بصر وبصيرة وعين ورؤية لما تقوم به اسرائيل وعدم الأخذ بظواهر الأمور.
في أثناء هذه الاحتفالات، عملت بلدية الاحتلال الاسرائيلي على تمويل افتتاح سوق للميلاد وإضاءة شجرة العيد، في محاولة منها لتكريس الهيمنة اليهودية وطمس الهوية العربية المسيحية، وبطبيعة الحال يبدو هذا الإجراء أنه سعي ايجابي للمشاركة بهذه الاحتفالات، في حين أن واقع الحال يؤشّر بوضوح إلى أن هذا الاجراء مخطط جديد في دائرة الاحتلال التي تبدأ من حيث تنتهي باستهداف الوجود المسيحي في مدينة القدس، وما سبقه من استيلاء على عقارات الكنيسة الأرثوذكسية في باب الخليل ودير مار يوحنا، فنقطة البداية عن مخططاتها ذاتها نقطة النهاية دائرة مليئة بأشواك الاحتلال وخططه الاستعمارية الاحتلالية التي دوما تجد من يقف بوجهها عصيّا لتصديق ما تقوم به وأخذ بحسن النوايا من المقدسيين بإصرار مجلس الكنائس في القدس على إضاءة شجرة عيد الميلاد في فندق الامبيريال كرسالة تؤكد رفض المخططات الإسرائيلية والتأكيد على الهوية الوطنية المسيحية، ورفض أي محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة.
واقع يحتاج صمودا مختلفا وعيونا ثاقبة وعقولا يقظة لكل ما تقوم به اسرائيل سواء كان على شكل أفعال ايجابية أو سلبية، فكلها بذات النتائج يُراد بها باطلا، واحتلالا واستعمارا، فكل مواطن فلسطيني ومقدسي مسلما كان أو مسيحيا هو ركن من أركان هوية المدينة المقدسة، وأي مساس بالمواطنين أو الأرض الفلسطينية المقدسية يعدّ جريمة احتلالية يجب منعها ومواجهتها بالتي هي أقوى، وبالتي هي أكثر وطنية وعروبة، فالقدس دوما تحت المجهر الاسرائيلي في السراء والضراء.