تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء الموافق 17 كانون الثاني في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، في مقر المؤسسة بجبل عمان، وفرع المكتبة بالأشرفية، الفيلم الأسترالي " فتى العاصفة"، للمخرج شون سيت والكاتب جاستن مونجو عن رواية لكولين ثيل.
ويحكي الفيلم قصّة رجل الأعمال الناجح المتقاعد مايكل كينغلي في زمنين، في طفولته إذ يقوم بدوره (فين ليتل)، وفي شيخوخته إذ يقوم بدوره (جيفري رش)، وقصّتا الطفولة والشيخوخة كلّ منهما متعلّق بالبيئة وعلاقة الإنسان بها.
كان مايكل الفتى يعيش على شاطئ ناء مع والده، بعد وفاة أمه وأخته، ويعاني الوحدة، حتى تعرف بمسن أسترالي أصلاني اسمه فينجربون (يلعب دوره تريفور جيمسون)، وقبل أن يتاح لهما الاستطراد بالحديث يسمعان صوت البنادق التي تقتل طيور بجع أبو جراب، حينها يتعلم مايكل الأسطورة الأبورجينية التي تتنبأ بعاصفة تأتي إذا قُتل البجع، فيأخذ فراخا قتل الصيادون معيليها، ويحاول العناية بها.
علاقة مايكل بهذه البجعات، وبآثار الصيد الجائر على البيئة تلعب دورا حاسما في خياراته في الحياة، إذ يسعى مع والده إلى تحويل المكان إلى محمية طبيعية للبجع، وتؤثّر في التحاقه بالمدرسة التي يقطن مع والده بعيدا عنها. أما في القصة الأخرى فهو يحاول ترميم علاقة حفيدته بأبيها الذي يستقدم عروضا استثمارية لمشروع يقف ضده أنصار الحفاظ على البيئة، وتذكره حفيدته يتيمة الأم بطفولته الوحيدة وبعلاقته بالبيئة، وتغير توجهه إزاء مشروع والدها، ولكن هل من السهل أن ينتصر على سلبيته في هذا العمر؟
ليس غريبا على مخرج دراما تلفزيونية مثل شون سيت أن يلامس مشاعر المشاهدين بقصة تدور حول الحيوانات والطفولة، لكن العجيب فعلا هو قدرته على إدارة حيوانات بجع برية بهذه البراعة، فهو يلجأ للرسوم الحاسوبية ربما مرة واحدة فقط في مشهد إثارة حيث تكون حياة الأب على المحك.
عشق المخرج التلفزيوني للأدب والسينما جعله يعيد إنتاج رواية "فتى العاصفة" للكاتب كولين ثيل، من خلال نص جاستن مونجو، والرواية في الأصل تشير في داخلها إلى رواية أخرى للحائز على نوبل للأدب ويليام غولدينغ المسماة أمير الذباب، التي تناقش فشل الثقافة الإنسانية في البيئة الطبيعية، فمنها يشتق مايكل الفتى تسمية البجع.
الفيلم يعد من أفلام اليافعين، وقد فاز بجائزة مهرجان فلين لأفلام الأطفال واليافعين، كما ترشح لعدد من الجوائز الأخرى. يختار الكاتب الشريحة التي يسردها من النص الروائي بحرفية عالية، في حين أن المخرج يستغل قدرته المميزة على بناء الدراما القريبة لمشاهد التلفاز، مع نفس سينمائي عالٍ ليحكي قصة مايكل الطفل بتقنيات آتية من عالم السينما أكثر من كونها تلفزيونية، وربما كان ينقص الفيلم الإضاءة على أبعاد شخصيات أخرى في قصة مايكل المتقاعد، أما في قصة مايكل الفتى، فإن مما يشفع له أن القصة تروى أصلا بعين فتى صغير، بل مسنّ يتذكر أيام صباه.
يطرح الفيلم قضايا البيئة والعائلة والوحدة والطفولة ودور الجد في حياة الطفل، وربما أغرب ما في الفيلم هو تحلّيه بدفء مفاجئ رغم غياب الأم في الفيلم بصورة عجيبة تبدو رمزا لشيء ما.